﴿أُخْفِيَ﴾ على قراءة من فتح الياء، أو من المحذوف الراجع إلى ﴿مَا﴾ على قراءة من أسكن الياء، أو من ﴿مَا﴾ إذا جعلتها استفهامية منصوبة بـ (أخفي)، فاعرفه فإن فيه أدنى غموض.
والجمهور على إفراد القُرَّة لكونها مصدرًا، والمصدر جنس، والأصل في الأجناس أَلَّا تُجمع، وقرئ: (مِنْ قُرَّاتِ أَعْيُنٍ) على الجمع (١)، على جعل القرة نوعًا من كونها مضافة إلى الأعين، وهي جماعة فجمعت لذلك، يقال: قَرَّتْ عَيْنُه تَقِرُّ وتَقَرُّ قُرَّة وَقَرُورًا فيهما بمعنى، وهو نقيض سَخِنَتْ، وَسَخَنَتْهَا نقيض قَرَّتْهَا.
وقوله: ﴿جَزَاءً﴾ منصوب على المصدر، أي: جوزوا ذلك جزاءً، ولك أن تجعله مفعولًا له، أي: من أجل الجزاء.
وقوله: ﴿نُزُلًا﴾ يجوز أن يكون مصدرًا واقعًا موقع إنزال، وناصبه معنى قوله: ﴿فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى﴾، كأنه نزلهم نزلًا، أي: إنزالًا، وأن يكون جمع نازل فيكون حالًا، وقد مضى الكلام عليه في "آل عمران" بأشبع ما يكون (٢).
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (٢٣) وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (٢٤) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٢٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ﴾:
(٢) انظر إعرابه للآية (١٩٨) منها.