وقوله: ﴿مِنَ الْمَوْتِ﴾ أي: من حذر الموت، أو من خوف، فحذف المضاف.
وقوله: ﴿أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ﴾ نصب إما على الحال من الضمير المرفوع في ﴿سَلَقُوكُمْ﴾، أو على الذم، وقرئ: (أَشِحَّةٌ) بالرفع (١)، و (صلقوكم) بالصاد (٢)، ووجه كلتيهما ظاهر (٣).
﴿يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا (٢٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿يَحْسَبُونَ﴾ يجوز أن يكون مستأنفًا، وأن يكون في موضح الحال. و ﴿لَمْ يَذْهَبُوا﴾ في موضع المفعول الثاني للحسبان.
و﴿بَادُونَ﴾: جمع باد، والبادي: المقيم بالبادية مع الأعراب، والأعراب جمع عرب، وهم سكان البادية. وقرئ: (بدًّى) بتشديد الدال مع التنوين (٤)، وهو جمع باد، وفاعلٌ إذا كان صفة يجمع على فُعَّل، كغازٍ وغُزًّى، وفي التنزيل: ﴿أَوْ كَانُوا غُزًّى﴾ (٥).
وقوله: ﴿فِي الْأَعْرَابِ﴾ يجوز أن يكون في موضع رفع على أنه خبر بعد خبر، لأن البداوة قد لا تكون في الأعراب، فكأنه قال: يودوا لو أنهم

(١) عزاها أبو حيان ٧/ ٢٢٠ إلى ابن أبي عبلة، وتابعه تلميذه السمين ٩/ ١٠٥. وكذا الآلوسي ٢١/ ١٦٥.
(٢) قرأها ابن أبي عبلة أيضًا وآخرون. انظر المحرر الوجيز ١٣/ ٥٩. وزاد المسير ٦/ ٣٦٦. ومصادر القراءة السابقة.
(٣) أما (أشحةٌ) فعلى: هم أشحةٌ. وأما صلقوكم وسلقوكم: فلغتان. (الصحاح - صلق).
(٤) رويت عن ابن مسعود، وابن عباس - رضي الله عنهم -، وطلحة بن مصرف. انظر معاني النحاس ٥/ ٣٣٧ وإعرابه ٢/ ٦٢٩. ومختصر الشواذ / ١١٩/. والمحتسب ٢/ ١٧٧. والمحرر الوجيز ١٣/ ٦٠.
(٥) سورة آل عمران، الآية: ١٥٦.


الصفحة التالية
Icon