(بُشْرَى) كحُبْلَى (١)، وهي مصدر في موضع الحال، أي: مبشرة، أو ذات بشرى، وقد ذكر في "الأعراف" بأشبع ما يكون (٢).
وقوله: ﴿لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا﴾ اللام من صلة ﴿أَنْزَلْنَا﴾. وإنما قال جل ذكره: ﴿مَيْتًا﴾، لأنه أراد به المكان، أو لأن البلدة في معنى البلد. ﴿وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ﴾ (أنعامًا) مفعول ثان لقوله: (نُسْقِيَهُ)، و ﴿مِمَّا﴾ يجوز أن يكون من صلة (نُسْقِيَهُ)، وأن يكون في موضع الحال من الأنعام والأناسي لتقدمه عليهما، وقد ذكر نظيره فيما سلف من الكتاب في غير موضع، و (من) على الوجه الأول لابتداء الغاية، وعلى الثاني للبيان.
وقرئ: (ونَسقيه) بفتح النون (٣)، وهما لغتان، أعني: أسقي وسقى. وقيل غير هذا، وقد ذكر (٤).
و(أَنَاسيّ) جمع إنْسي، وهو واحد الإنس، أو جمع إنسان، والأصل أناسين، كسراحين في جمع سرحان، فقلبت النون ياء ثم أدغمت الياء في الياء، وقيل: بل ألقيت النون من آخره وعوضت الياء بدلًا منها، والمعنى: ونسقي ذلك الماء أنعامًا وأناسي كثيرًا من جملة ما خلقنا، لأن من الحيوان ما يعيش بغير الماء (٥).
[والجمهور على تشديد ياء (أَناسِيَّ) على الأصل] (٦)، وقرئ: (وأَنَاسيَ)

(١) قرأها محمد بن السميفع اليماني. انظر معاني النحاس ٥/ ٣٥. والمحتسب ٢/ ١٢٣.
(٢) عند إعرابه للآية (٥٧) منها.
(٣) قرأها الأعمش، والمفضل عن عاصم. ورويت عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، انظر مختصر الشواذ / ١٠٥/. كما نسبها ابن الجوزي في زاد المسير ٦/ ٩٤ إلى آخرين.
(٤) انظر إعرابه للآية (٦٦) من النحل.
(٥) انظر في تصريف كلمة (أناسي) معاني الفراء ٢/ ٢٦٩ - ٢٧٠. ومعاني الزجاج ٤/ ٧١. وإعراب النحاس ٢/ ٤٧٠. ومشكل مكي ٢/ ١٣٤.
(٦) ساقط من (أ) و (ب).


الصفحة التالية
Icon