وعن ابن محيصن أنه قرأ: (فَيَطْمِعَ الذي) بفتح الياء وكسر الميم (١)، وأظنه وهمًا إما من المقرئ أو من القارئ، ولا يصح كسر الميم إلا مع ضم الياء وإسناد الفعل إلى ضمير الخضوع، دل عليه ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ﴾، أو إلى ضمير القول، أي: فيطمع الخضوع، أو القول الذي في قلبه مرض (٢).
﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (٣٣) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (٣٤)﴾:
قوله عز وجل: (وَقِرْنَ) قرئ: بكسر القاف (٣)، وفيه وجهان:
أحدهما: من الوقار، وهو الحلم والرزانة. والفعل منه وَقَرَ فلان يَقِر بفتح العين في الماضي وكسرها في الغابر، وقارًا وقُرَّةً ووُقُورًا، فهو وقور، وحذفت الواو من المضارع لوقوعها بين ياء وكسرة كحذفها من يعد ويزِنُ وشبههما، والأمر منه لجماعة النساء: قِرْنَ، كعِدْنَ ونحوه مما تحذف منه الفاء وهي واو، ووزنه: علن. والمعنى: كُنَّ أهل وقارٍ وسكينةٍ وهدوء في بيوتكن.
والثاني: من القرار وهو الثبات، يقال: قَرَّ في منزله يَقِرُّ قَرَارًا، إِذا ثبت. والأمر منه في الأصل: اقْرِرْنَ بكسر الراء، فاستثقل اجتماع الراءين فنقلت كسرة الراء الأولى إلى القاف، وحذفت الراء الأولى لالتقاء الساكنين، وألف الوصل لتحرك القاف، فبقى (قِرْنَ) كما ترى، ووزنه (فلن).
(٢) انظر هذا التعليل أيضًا في إعراب النحاس الموضع السابق.
(٣) هذه قراءة أكثر العشرة كما سوف أخرج.