النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (٣٨) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (٣٩)}:
قوله عز وجل: ﴿وَتُخْفِي﴾ يجوز أن يكون مستأنفًا، وأن يكون حالًا من المنوي في ﴿تَقُولُ﴾، أي: تقول ذلك مخفيًا في نفسك ما الله مبديه، و ﴿مَا﴾ موصولة في موضع نصب بتخفي، وما بعده ابتداء وخبر صلته. ﴿وَتَخْشَى﴾: عطف على قوله: ﴿وَتُخْفِي﴾، وحكمه في الإعراب حكمه.
وقوله: ﴿وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ﴾ اسم الله جل ذكره مبتدأ، وفي الخبر وجهان:
أحدهما: ﴿أَحَقُّ﴾، و ﴿أَنْ تَخْشَاهُ﴾ بدل من اسم الله بدل الاشتمال.
والثاني: ﴿أَنْ تَخْشَاهُ﴾ مبتدأ، و ﴿أَحَقُّ﴾ خبره مقدم عليه، والجملة خبر عن اسم الله.
ولك أن تجعل اسم الله مبتدأ، ﴿أَحَقُّ﴾ خبره، و ﴿تَخْشَاهُ﴾ [في موضع نصب أو جر، أي: بأن تخشاه]، ولا بد من محذوف يتم به معنى الكلام تقديره: والله أحق من غيره بأن تخشاه أي: بالخشية، هذا إن قدرت ﴿أَنْ تَخْشَاهُ﴾ في موضع نصب أو جر، فإن قدرت أنه بدل أو ابتداء ثان كان التقدير: خشية الله أحق من خشية غيره.
ولا يجوز أن تقدر ﴿أَنْ تَخْشَاهُ﴾ في موضع جر بإضافة ﴿أَحَقُّ﴾ إليه، لأن أفعل لا يضاف إلا إلى ما هو بعضه، فاعرفه (١).
وقوله: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ﴾ نصب على المصدر مؤكد لما قبله، لأن ما قبله من قوله: ﴿فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ﴾ يدل على أنه سَنَّ له ذلك سُنَّةً.