محذوف، أي: ويحل لك امرأةً مؤمنةً، لأن قوله: ﴿إِنْ وَهَبَتْ﴾ شرط، والشرط لا يصح في الماضي، وإذا لم يصح الشرط في الماضي لم يصح الجزاء أيضًا، ألا ترى أنك لو قلت: إن قمت غدًا قمت أمس، لكنت مخطئًا، وقوله: ﴿إِنَّا أَحْلَلْنَا﴾ إخبار عن إحلاله الماضي، وإذا كان ذلك فلا يصح أن تقدر وأحْلَلْنَا لك امرأة مؤمنة إن وهبت، كما لا يصح قمت أمس إن قمت غدًا، وإذا كان كذلك ثبت أن ناصبها محذوف تقديره: ونحل لك امرأة مؤمنة إن وهبت، ليصح به الجزاء، كما تقول: أقوم إن قمت، وأخرج إن خرجت، فاعرفه فإنه ممَّا نُقل عن الشيخ أبي علي - رحمه الله -، وضُعِّفَ هذا ورُدَّ، وقيل: معنى الإحلال هنا الإعلام بالحل إذا وقع الفعل على ذلك (١) كقولك: أبحت لك أن تعطي فلانًا إن شكرك، والمعنى: وأحللن لك من وقع لها إن تهب لك نفسها.
والجمهور على كسر ﴿إِنْ﴾ وهي الشرطية، وقرئ: (أَنْ وهبت) بفتحها (٢)، وفيه وجهان:
أحدهما: على إضمار اللام، أي: وأحَلَلْنَا لك امرأة مؤمنة لأن وهبت، أي: تحل له من أجل أن وهبت نفسها له.
والثاني: بدل من (امرأَةً)، وهو بدل الاشتمال.
والاستنكاح هنا بمعنى النكاح، وقيل: يستنكحها: يطلب نكاحها (٣). وقال ﴿لِلنَّبِيِّ﴾ ولم يقل لك، لإزالة اللبس والتوهم، وذلك أنه لو قال: إن وهبت نفسها لك، لجاز أن يظنّ ظانّ أنَّ ذلك يجوز لغيره، كما يجوز نكاح
(٢) قرأها الحسن، وعيسى الثقفي، وسلام، وأبي بن كعب - رضي الله عنه -. انظر معاني النحاس ٥/ ٣٦٢ وإعرابه ٢/ ٦٤٢. ومختصر الشواذ / ١٢٠/. والمحتسب ٢/ ١٨٢. والمحرر الوجيز ١٣/ ٨٦.
(٣) الكشاف ٣/ ٢٤٢.