أهل الكوفة، وأما عند أهل البصرة فلا بد من حذف خبر الأول لدلالة ﴿يُصَلُّونَ﴾ عليه، على ما قدر وذكر آنفًا (١).
وعن الحسن: (يا أيها الذين آمنوا فصلوا عليه) بزيادة الفاء (٢)، لما دخل في الكلام من معنى الشرط، لأنه إنما وجبت الصلاة منا عليه من أجل أن الله تعالى قد صلى عليه، فجرى بذلك مجرى قولك: قد زرتك فزرني، أي: إنما وجبت زيارتي عليك من أجل زيارتي إياك، وإذا قلت: قد زرتك زرني، فالوقوف على قد زرتك ثم تستأنف الأمر له بالزيارة، فاعرف الفرق بينهما (٣).
﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٥٩) لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (٦١) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (٦٢) يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (٦٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾ (يدنين) في موضع جزم، لأنه جواب ﴿قُلْ﴾، وفيه أوجه، وقد ذكرتهن في "إبراهيم" عند قوله: ﴿قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ (٤) وهذا مثله، ومفعول الإدناء محذوف، أي: شيئًا من جلابيبهن، ويجوز أن يكون ﴿مِنْ﴾ صلةً على رأي أبي
(٢) انظر قراءة الحسن - رحمه الله - في المحتسب ٢/ ١٨٣. والمحرر الوجيز ١٣/ ٩٨.
(٣) انظر المحتسب الموضع السابق.
(٤) الآية (٣١) منها.