والمعنى: أن اعمل دروعًا سابغات، فحذف الموصوف. والسابغات: الدروع التامة، وهو أول من اتخذها على ما فسر (١).
وقوله: ﴿وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾ أي: في النسج، والسرد، نسج الدروع، ﴿وَاعْمَلُوا﴾ الضمير لداود وآله - عليهم السلام -.
﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (١٢) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (١٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ﴾ قرئ: بالنصب (٢) على: وسخرنا، كما أتى في "ص" (٣)، وبالرفع (٤) على الابتداء، على: وله الريحُ مسخرةٌ، أو: وله تسخير الريح، أو على الفاعلية على رأي أبي الحسن (٥)، أي: استقر له تسخير الريح. وقيل: مَن نصب عطف على الحديد، على: وَأَلنَّا لسليمان الريح (٦).
وقوله: ﴿غُدُوُّهَا شَهْرٌ﴾ ابتداء وخبر، وكذا ﴿وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ﴾ ومحل الجملة النصب على الحال إما من المنوي في الظرف، أو من الريح على المذهبين، أي: مستقرة أو ثابتة مسيرة شهر، وفي الكلام حذف مضاف، أي: جَرْيُ غدوها مسيرة شهر، وجَرْيُ رواحها كذلك، وإنما احتيج إلى

(١) انظر جامع البيان ٢٢/ ٦٧ فقد روى الطبري عن قتادة أن أول من صنعها داود عليه السلام، إنما كان قبل ذلك صفائح.
(٢) هي قراءة الجمهور غير أبي بكر كما سوف أخرج.
(٣) "فسخرنا له الريحَ تجري بأمره" [٣٦].
(٤) قرأها عاصم في رواية أبي بكر. انظرها مع قراءة الجمهور في السبعة / ٥٢٧/. والحجة ٦/ ٩. والمبسوط / ٣٦١/.
(٥) يعني مرفوعًا بالجار والمجرور، وانظر مذهب أبي الحسن الأخفش في البيان ٢/ ٢٧٦.
(٦) هذا الوجه للكسائي كما في إعراب النحاس ٢/ ٦٥٩.


الصفحة التالية
Icon