وبالتنوين (١)، وفيه أوجه:
أن يكون التقدير: ذواتي أكُلِ أكلٍ خمطٍ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، لأن الخمط شجر والأكل جناه، وإذا كان كذلك لم يجر على ما قبله كجري الوصف على الموصوف، فاحتيج إلى حذف المضاف.
وأن يكون عطف بيان له، كأنه بَيَّنَ أن الجنى لهذا الشجر.
وأن يكون وصفًا له على تأويل: أكل بشع، أي: كريه، وهذا بعيد على تفسير أبي عبيدة، وأما على تأويل غيره فسائغ على ما سلف آنفًا في معنى الخمط.
وقيل: هو بدل، وأنكره أبو علي وقال: لأنه ليس هو هو ولا بعضه، لأن الجنى من الشجر، وليس الشجر من الجنى (٢).
وقوله: ﴿قَلِيلٍ﴾ يجوز أن يكون وصفًا لجميع ما فيهما من الخمط والأثل والسدر، وأن يكون نعتًا لـ (شيءٍ) على معنى أن السدر كان قليلًا فيهما، وهو الوجه للقرب، ولقول الحسن -رضي الله عنه-: قلل السدر لأنه أكرم ما بُدِّلوا (٣). وقيل: القليل هنا بمعنى الحقير (٤).
وقرئ: (وَأَثْلًا وشَيْئًا) بالنصب (٥)، عطف على ﴿جَنَّتَيْنِ﴾.
﴿ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (١٧) وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (١٨)﴾:
(٢) الحجة ٦/ ١٥.
(٣) انظر قول الحسن في الكشاف ٣/ ٢٥٦.
(٤) انظر روح المعاني ٢٢/ ١٢٨.
(٥) قراءة حكاها الفضل بن إبراهيم. انظر مختصر الشواذ/ ١٢١/. والبحر ٧/ ٢٧١. والدر المصون ٩/ ١٧٤.