و ﴿بِذُنُوبِ﴾ من صلته، أي: كفاك هو خبيرًا بأحوالهم، أي: عالمًا بهم وبما يصدر منهم، فالمفعول محذوف والباء مزيدة.
﴿الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (٥٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿الَّذِي خَلَقَ﴾ محل ﴿الَّذِي﴾ إما الجر على البدل من قوله: ﴿الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾ أو النصب على إضمار أعني، أو الرفع على إضمار (هو)، أو على الابتداء خبره ﴿الرَّحْمَنُ﴾، فإن جعلت محل ﴿الَّذِي﴾ الجر أو النصب كان رفع قوله: ﴿الرَّحْمَنُ﴾ على أحد أربعة أوجه: إما على الابتداء والخبر ﴿فَاسْأَلْ﴾، أو على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هو الرحمن، أو على أنه فاعل ﴿اسْتَوَى﴾، أو بدل من المنوي في ﴿اسْتَوَى﴾، ويجوز في الكلام نصبه على المدح وجره على البدل من ﴿الْحَيِّ﴾، أو على النعت له. وحكي أنه بالجر قرأ بعض القراء (١).
وقوله: ﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا﴾ فيما يتعلق به الباء من ﴿بِهِ﴾ وجهان - أحدهما: متعلق بقوله: ﴿فَاسْأَلْ﴾ وهو بمعنى (عن)، أي: فاسأل عنه، أي: عن الذي خلق السماوات خبيرًا، أي: عالمًا وهو الله عز وجل أو غيره، أي: فاسأل عنه رجلًا عارفًا يخبرك برحمته. والثاني: متعلق بقوله ﴿خَبِيرًا﴾ على معنى: فاسأل به إنسانًا خبيرًا به جل ذكره وبرحمته، أي: اسأل من يعلمه. و ﴿خَبِيرًا﴾، مفعول به لقوله: ﴿فَاسْأَلْ﴾ لا حال من المنوي فيه كما زعم بعضهم، لأن السائل لا يكون عارفًا، إذ لو كان عارفًا لم يسأل، ولا من الهاء في ﴿بِهِ﴾ كما زعم الزمخشري (٢)، على معنى: فاسأل عنه عالمًا بكل شيء، لأن المسؤول عنه - وهو الرحمن جل ذكره -

(١) هو زيد بن علي كما في المحرر الوجيز ١٢/ ٣٤. والبحر ٦/ ٥٠٨.
(٢) الكشاف ٣/ ١٠٢.


الصفحة التالية
Icon