﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٠) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٢١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ﴾ قرئ: بتخفيف الدال وبتشديدها، ورفع (إبليس) ونصب الظن (١)، فمن خفف ففي انتصاب ﴿ظَنَّهُ﴾ وجهان:
أحدهما: انتصب انتصاب الظرف، أي: صدق في ظنه، فلما حذف الجار انتصب.
والثاني: انتصب انتصاب المفعول به، كما تقول: صدقت فلانًا الحديث. والمعنى: صدق ظنه الذي ظنه بهم من متابعتهم إياه إذا أغواهم، لأنه وجده كذلك.
ومن شدد: فـ ﴿ظَنَّهُ﴾ مفعول به لـ ﴿صَدَّقَ﴾، أي: حق عليهم ظنه.
وقرئ بالتخفيف، ورفع الظن على أنه فاعل ﴿صَدَّقَ﴾، ونصب (إبليس) (٢) على أنه مفعول به، أي: صدق عليهم ظنُّ إبليسَ إبليسَ، كقولك: ضرب زيدًا غلامُهُ، أي: ضرب غلامُ زيدٍ زيدًا. والمعنى: أن إبليس كان سَوَّل له ظنه شيئًا فيهم، فصدقه ظنُّه فيما كان عقد عليه معهم من ذلك الشيء، يقال: صدقك ظنك. ومنه قول الشاعر:
(٢) قرأها أبو الهجهاج، والزهري. انظر إعراب النحاس ٢/ ٦٦٨ - ٦٦٩. والمحتسب ٢/ ١٩١. والمحرر الوجيز ١٣/ ١٣٣. ورواها ابن مهران/ ٣٦٣/ ليعقوب عن طريق ابن مسلم، وروح، وزيد، لكن قال بتشديد الدال.