وقوله: ﴿مِنْ بَعْدِهِ﴾ أي: بعد إمساكه، فحذف المضاف لدلالة ﴿يُمْسِكْ﴾ عليه، وأنث الضمير أولًا حملًا على معنى ﴿مَا﴾، وذُكِّرَ ثانيًا على لفظ ﴿مَا﴾، ولأن الأول فُسِّر بالرحمة فَحَسُنَ إتباع الضمير التفسير، ولم يفسر الثاني فتُرك على أصل التذكير، قاله: الزمخشري (١).
قوله: ﴿فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾ ابتداء وخبر، والفاء جواب الشرط.
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٣) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤) يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (٥) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾ استفهام بمعنى النفي، ومحل ﴿مِنْ خَالِقٍ﴾ الرفع إما بإضمار فعل دل عليه ﴿يَرْزُقُكُمْ﴾، أو بالابتداء والخبر محذوف، أي: لكم، أو في الوجود، أو يرزقكم، أو غير الله، على ما سيأتي بيانه إن شاء الله، و (مِنْ) زائدة، زيدت لعموم النفي.
وقرئ: (غيرُ الله) بالرفع والجر (٢)، وحكي فيه النصب أيضًا (٣). أما الرفع: فيحتمل أوجهًا: أن يكون وصفًا لخالق على المحل، وأن يكون خبرًا له، وأن يكون فاعلًا به، أي: هل يخلق غير الله شيئًا؟ كقولك: هل ضارب إلا زيدٌ؟ [أي: هل يضرب إلا زيدٌ] (٤) وأما الجر: فعلى الوصف لخالق على

(١) الكشاف ٣/ ٢٦٧.
(٢) قرأ أبو جعفر، وحمزة، والكسائي، وخلف: (غيرِ) بالجر. وقرأ الباقون: (غيرُ) بالرفع انظر السبعة/ ٥٣٢/. والحجة ٦/ ٢٦. والمبسوط/ ٣٦٦/.
(٣) هي قراءة الفضل بن إبراهيم النحوي كما في مختصر الشواذ/١٢٣/.
(٤) من (ج) فقط.


الصفحة التالية
Icon