والحرور، وما يستوي الأحياء والأموات. حتى تقع المساواة بين اثنين، لأن المساواة لا تكون إلا بين شيئين، ألا ترى أنك إذا قلت: لا يستوي زيد ولا عمرو، لم يجز حتى يحكم بزيادة (لا) الثانية، لأن النفي للاستواء، ولفظ الاستواء يستدعي اثنين، فكأنك قلت: لا يستويان، وإذا كان كذلك فلا يحتاج أن تقرن العاطف بلا إلا على وجه تأكيد معنى النفي، وكفاك دليلًا: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ﴾ ولم يقل جل ذكره: ولا البصير.
وقوله: ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ الجمهور على تنوين قوله: ﴿بِمُسْمِعٍ﴾، وهو الأصل لأنه لما يقع، وقرئ: بترك التنوين (١) على الإِضافة تخفيفًا.
﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (٢٤) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (٢٥) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (٢٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ (بشيرًا ونذيرًا) حالان من الكاف في ﴿أَرْسَلْنَاكَ﴾. وأما ﴿بِالْحَقِّ﴾ فقد جُوِّزَ أن يكون حالًا من أحد الضميرين، بمعنى: محقًا، أو محقين، أو ملتبسًا به، أو ملتبسين، وأن يكون صفة لمصدر محذوف، أي: إرسالًا مصحوبًا بالحق. وأن يكون صلة لبشير ونذير على: بشيرًا بالوعد الحق، ونذيرًا بالوعد الحق.
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا

(١) قرأها علي -رضي الله عنه-، والحسن رحمه اللهُ. انظر إعراب النحاس ٢/ ٦٩٥. ومختصر الشواذ/ ١٢٣/. والمحرر الوجيز ١٣/ ١٧٠. وزاد المسير ٦/ ٤٨٤، وأضافها ابن الجوزي أيضًا إلى السلمي، والجحدري.


الصفحة التالية
Icon