أيضًا: الأرض الصلبة، وفي المثل: "مَنْ سَلَكَ الجَدَدَ أَمِنَ العِثَارَ" (١).
فإن قلت: الجَدَدُ مفرد وقد وصف بقوله: ﴿بِيضٌ﴾ وهو جمع؟ قلت: هو كقولهم: أهلك الناسَ الدرهمُ البيضُ، والدينارُ الصفرُ. و ﴿بِيضٌ﴾ صفة لجدد، و ﴿وَحُمْرٌ﴾ عطف على ﴿بِيضٌ﴾.
وقوله: ﴿مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا﴾ فيه أوجه:
أحدهما: صفة لقوله: ﴿جُدَدٌ﴾ والضمير للجدد أي: ألوان الجدد، وهو تأكيد لقوله: ﴿بِيضٌ وَحُمْرٌ﴾.
والثاني: صفة لقوله: (حُمْرٌ) والضمير للحمر، على: بعضها أشد حمرة، وبعضها أدون، وبعضها أوسط.
والثالث: ﴿مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا﴾ بدل من قوله: ﴿جُدَدٌ﴾، والضمير للجبال، كأنه قيل: ومن الجبال مختلف ألوانها. ولا بد من تقدير حذف موصوف.
وقوله: ﴿وَغَرَابِيبُ سُودٌ﴾، عطف على: ﴿بِيضٌ﴾ أو على ﴿جُدَدٌ﴾ على: ومن الجبال أثر ذو جدد ومنها ما هو على لون واحد ﴿وَغَرَابِيبُ﴾ وهو جمع غربيب، وهو الشديد السواد الذي هو على لون الغراب، عن أبي عبيدة وغيره (٢).
وقوله: ﴿سُودٌ﴾ فيه أوجه:
أحدها: على التقديم والتأخير، والتقدير: وسود غرابيب، لأن العرب تقول: أسود غربيب، وأسود حالك، للذي أَبْعَدَ في السواد وأَغْرَبَ فيه، فتؤكد الأسود بالغربيب، ومن حق التأكيد أن يتبع المؤكد ولا يتقدم عليه.
(٢) انظر مجاز القرآن ٢/ ١٥٤. ومعاني الزجاج ٤/ ٢٦٩. والنكت والعيون ٤/ ٤٧٠ والعبارة بكاملها منه.