قال قتادة: المؤمن قد ينسى بالنهار ويذكر بالليل، وينسى بالليل ويذكر بالنهار (١). وعن الحسن: جعل أحدهما خلفًا عن الآخر، فإن فات رجلًا شيء في النهار أدركه في الليل، وإن فاته شيء في الليل أدركه في النهار (٢).
وقوله: ﴿أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾ الشكور هنا مصدر كالقعود والرقود، وكذا الشكر، والمعنى: لمن أراد أن يتعظ، أو أراد شكر النعم، لأن هذا من جلائل النعم التي أنعم بها على عباده (٣).
﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (٦٣) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (٦٤) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (٦٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ﴾ هذه إضافة تفضيل وتخصيص وتكريم، و ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ﴾، مبتدأ، وفي خبره ثلاثة أوجه:
أحدها: في آخر السورة، وهو: ﴿أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ﴾ (٤) وما بينهما صفاتهم، والتقدير: وعباد الرحمن الماشون على الأرض هونًا والقائلون سلامًا عند مخاطبة الجهال إياهم، مع ما بقي من الأوصاف الأخرى، أولئك يجزون الغرفة بصبرهم على دينهم، وعلى أذى المشركين وغيرهما.
والثاني: ﴿الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾ هو الخبر.
(٢) انظر قول الحسن - رحمه الله - في جامع البيان الموضع السابق. ومعاني النحاس ٥/ ٤٤.
(٣) في (أ): العباد.
(٤) الآية (٧٥).