وبعدُ: فقد اختُلِف في ﴿يس﴾:
فقيل: معناه يا إنسان، فقوله: ﴿وَالْقُرْآنِ﴾ على هذا جَرٌّ بواو القسم، كأنه قيل: يا إنسان وحَقِّ القرآن ذي الحكمة أنك لمن المرسلين.
وقيل: اسم من أسماء الله تعالى أقسم به، على: أُقْسِمُ بياسين.
وقيل اسم من أسماء القرآن مقسم به أيضًا، على: أقسم بالكتاب المسمى بياسين.
وقيل: اسم للسورة مقسم به أيضًا، فالواو في ﴿وَالْقُرْآنِ﴾ على هذه الأوجه للعطف لا للقسم، فاعرفه.
وقوله: ﴿عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ يجوز أن يكون خبرًا بعد خبر، لإنَّ، على معنى: إنك جامعٌ للوصفين، كقولك: هذا حُلْوٌ حَامِضٌ. وأن يكون حالًا من المنوي في الخبر، كقولك: فلان في الطريق على الفرس. وأن يكون صلة للمرسلين، كأنه قيل: أُرْسِلْتَ على صراطٍ مستقيمٍ.
قوله عز وجل: (تَنْزِيلُ العَزيزِ الرَّحيمِ) قرئ: بالرفع (١)، على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هو تنزيلُ العزيز الرحيم، أو بالعكس، أي: تنزيلُ الرحيم هذا. وعن الفراء: أنه خبر ثالث لإنّ، أي: إنك لمن المرسلين وعلى صراط مستقيم وذو تنزيل العزيز الرحيم، فحذف المضاف (٢).
وبالنصب (٣)، على المصدر، على: نَزَّله تنزيلًا، أو على: أعني،
(٢) انظر معاني الفراء ٢/ ٣٧٢.
(٣) (تنزيلَ) وهي قراءة ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم، وخلف. انظر القراءتين في السبعة/ ٥٣٩/. والحجة ٦/ ٣٦. والمبسوط/ ٣٦٩/. والتذكرة ٢/ ٥١١.