عَليَّ مَا شِئْتَ، أي: تَمَنَّ عَليَّ مَا شِئْتَ، وفلان في خير ما ادعى، أي: في خير ما تمنى، قال أبو إسحاق: وهو مأخوذ من الدعاء، المعنى: كل ما يدعو به أهل الجنة يأتيهم (١). أبو عبيدة: مثله (٢).
وقد جوز أن يكون بمعنى يتداعونه، كقولك: ارتموه وتراموه.
وأما قوله: ﴿سَلَامٌ﴾ فالجمهور على رفعه، وفيه أوجه:
أحدهما: بدل من ﴿مَا يَدَّعُونَ﴾ كأنه قال: ولهم سلام.
والثاني: خبر مبتدأ محذوف، أي: هو، أو ذلك سلام لا ينازعهم فيه منازع.
والثالث: صفة لـ ﴿مَا﴾ بعد صفة، كأنه قيل: ولهم شيء مُدَّعًى مُسَلَّمٌ.
والرابع: ﴿لَهُمْ﴾ خبر عن ﴿مَا يَدَّعُونَ﴾، و ﴿سَلَامٌ﴾ خبر بعد خبر، على معنى: أن لهم ذلك خالص لا يزاحمهم فيه أحد، لأن الشيء قد يملكه شخص وهو فيه مزاحم.
والخامس: هو الخبر عن ﴿مَا يَدَّعُونَ﴾ و ﴿لَهُمْ﴾ من صلته، وليس بمصدر على هذا الوجه، بل بمعنى اسم الفاعل أو المفعول، أي: ما يدعون مُسالم لهم، أو مُسَلَّم لهم. وإنما لم يكن بمعنى المصدر على هذا الوجه، لأن ما كان في صلة المصدر لا يتقدم عليه.
وقرئ: (سلامًا) بالنصب (٣)، ونصبه إما على المصدر على: يسلم عليهم الله في الجنة سلامًا إكرامًا لهم على ما فسر (٤). وإما على الحال: إما
(٢) مجاز القرآن ٢/ ٣٦.
(٣) قرأها ابن مسعود، وأبي بن كعب -رضي الله عنهما-، وعيسى الثقفي، والجحدري. انظر معاني الفراء ٢/ ٣٨٠. ومعاني الأخفش ٢/ ٤٨٩. وجامع البيان ٢١/ ٢٣. ومعاني النحاس ٥/ ٥١٠ وإعرابه ٢/ ٢٧٩. ومختصر الشواذ/ ١٢٦/. والمحتسب ٢/ ٢١٥. وزاد المسير ٧/ ٢٩.
(٤) هذا قول محمد بن كعب. انظر جامع البيان ٢٣/ ٢١. والنكت والعيون ٥/ ٢٦.