﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ ملكوت فَعَلُوت من مَلَكَ والمُلْكِ، والواو والتاء فيه للمبالغة، ونظيره: الْجَبَرُوت، والرَّغَبُوت، والرَّهَبُوت مصادر بمعنىً، ومنه أيضًا: الطَّاغُوت عند أبي علي، وأصله طَغَيُوت، فَعَلُوت من الطُغْيَان، إلا أنه قُلِبَ فقدمت اللام على العين، فصارت طَيَغُوت بوزن فَلَعُوت، ثم قلبت الياء لوقوعها متحركة بين متحركتين، فبقي طاغوت كما ترى، وسبب هذا القلب: أنهم لما رأوها بعرض الحذف من حيث إن الياء التي قبل الواو في طَغَيُوت قد انفتح ما قبله مع تحركه، ومن شأنه أن يقلب ألفًا، وقلبه ألفًا يفضي به إلى الحذف لالتقائه مع الواو الساكنة، فلما كان كذلك قلبوها، بأن قدموا اللام على العين، فبقي طَيَغُوت، فَقُلِبَ الياءُ ألفًا وتحصن من الحذف (١).
وقرئ: (مَلَكَةُ كُلِّ شَيْءٍ) (٢). وحُكِيَ أيضًا: (مَمْلَكَة كُلِّ شيء) و (مُلْكُ كُلِّ شيءٍ) (٣) والمعنى واحد، غير أن قراءة الجمهور فيها من المبالغة ما ليس في تلك، ولهذا لا يطلق الملكوت إلا على الأمر العظيم الأعْظَم (٤)، يقال: مُلْكُ التَّاجِر والسَّمَّان والبَزَّاز، ولا يقال: ملكوتهم، فاعرفه.
هذا. آخر إعراب سورة يس
والحمد لله وحده

(١) هكذا استطرد للحديث عن الطاغوت وقد تقدم مفصلًا في "البقرة".
(٢) قرأها ابن مسعود -رضي الله عنهما-، والأعمش، وطلحة، وإبراهيم التيمي. انظر مختصر الشواذ/ ١٢٦/. والمحتسب ٢/ ٢١٧. والمحرر الوجيز ١٣/ ٢١٨. والقرطبي ١٥/ ٦.
(٣) كذا هاتان القراءتان أيضًا في الكشاف ٣/ ٢٩٤. والبحر المحيط ٧/ ٣٤٩. والدر المصون ٩/ ٢٨٧ دون نسبة.
(٤) في (أ): العظيم. وفي (ج): الأعظم. وما أثبته من (ب).


الصفحة التالية
Icon