من كل شيطان زيناها بالكواكب (١). والمارد: المتمرد العاتي، وهو الذي يخرج عن الطاعة.
وقوله: (لا يسمعون) الضمير فيه لكل شيطان، جُمع حملًا على معنى ﴿كُلَّ﴾. وقرئ: بإسكان السين وتخفيف الميم (٢)، من سَمِعَ يسمع، وعُدَّي بإلى حملًا على المعنى، لأن المعنى: لا يصغون إليهم: ﴿وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ﴾ (٣)، وبتشديدهما (٤)، وأصله يَتَسَمَّعُونَ، فأدغمت التاء في السين، وهو أبلغ في نفي الاستماع، لأنه إذا نَفَى عنهم التسمّعَ فقد نَفَى سمعَهم من جهة التسمع وغيره، والتسَمُّعُ: تَطَلُّبُ السَّمَاعِ، يقال: تسمَّع فَسَمِعَ، أو فلم يَسْمَعْ، وسَمِعَ واستمعَ يأتيان بمعنىً، يقال: سَمِعْتُ الشَّيءَ واسْتمَعْتُه، كما يقال: حَفَرْتُهُ واحتفرته، وشويتُه واشتويته.
واستمع يتعدى تارة بحرف وتارة بغير حرف، بشهادة قوله جل ذكره: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ﴾ (٥) ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ﴾ (٦) وكذا سَمِعَ، يقال فيه: سَمِعْتُ فُلانًا يِتَحْدَّثُ، وسَمِعْتُ إليه يِتَحدَّثُ، وسَمِعْتُ حَدِيثَه وإلى حَدِيثه، وفُرَّقَّ بينهما فقيل: المتعدي بنفسه يفيد الإدراك، والمتعدي بإلى يفيد الإصغاء مع الإدراك.
ولا محل له (٧) من الإعراب، وإنما هو كلام منقطع عما قبله مبتدأ. وقيل: محله الجر على أنه صفة لـ ﴿كُلِّ شَيْطَانٍ﴾، وأُنكر ذلك، بسبب أن
(٢) هذه قراءة أكثر العشرة كما سيأتي.
(٣) سورة الأنعام، الآية: ١١٣.
(٤) (لا يسَّمَّعون)، قرأها الكوفيون عدا أبي بكر. وانظر القراءتين في السبعة/ ٥٤٦/. والحجة ٦/ ٥٢. والمبسوط/ ٣٧٥/. والتذكرة ٢/ ٥١٧.
(٥) سورة الزمر، الآية: ١٨.
(٦) سورة الأنعام، الآية: ٢٥.
(٧) يعني (لا يسمعون).