(غيرُ معجزي اللَّهَ) بالنصب (١)، وذلك عندهم لحن فاحش جارٍ مجرى الغلط لما ذكر آنفًا، فاعرفه.
وقوله: ﴿إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ﴾ الجمهور على أن الاستثناء منقطع، واختلف في المستنثى منه، فقيل: من الضمير في قوله: ﴿وَمَا تُجْزَوْنَ﴾، وقيل: من الضمير في قوله: ﴿لَذَائِقُو﴾.
وقوله: ﴿فَوَاكِهُ﴾ بدل من ﴿رِزْقٌ﴾، أوضح الرزق المعلوم بالفواكه.
وقوله: ﴿فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ يجوز أن يكون من صلة ﴿مُكْرَمُونَ﴾، وأن يكون حالًا من الضمير في ﴿مُكْرَمُونَ﴾، وأن يكون خبرًا بعد خبر. ومثله ﴿عَلَى سُرُرٍ﴾ في الأوجه.
و﴿مُتَقَابِلِينَ﴾: نصب على الحال: إن شئت من المستكن في ﴿مُكْرَمُونَ﴾، وإن شئت من المستتر في ﴿جَنَّاتِ﴾، فيجوز على هذا أن يكون ﴿عَلَى سُرُر﴾ من صلة ﴿مُتَقَابِلِينَ﴾. وكذا ﴿يُطَافُ﴾ في موضع الحال، أي: مَطُوفًا عليهم.
وقوله: ﴿مِنْ مَعِينٍ﴾ من صفة (كأس)، وكذلك ﴿بَيْضَاءَ﴾، وقيل: ﴿بَيْضَاءَ﴾ من صفة ﴿مَعِينٍ﴾، والمراد الخمر، وهي مؤنثة (٢). ﴿لَذَّةٍ﴾ صفة أخرى، وصفت باللذة كأنها نفس اللذة وعينها، أو على تأويل: ذات لذة، فحذف المضاف.
وقوله: ﴿لَا فِيهَا غَوْلٌ﴾ من غَالَهُ يَغُولُهُ غَوْلًا، إذَا أَهْلَكه وأَفْسَدَهُ، أي: ولا تغولُ عقولهم كخمر الدنيا، يقال: غَالَتْهُ الخمرُ واغْتالَتْهُ، إذَا آذَتْهُ وذهبت

(١) آية (٢) من التوبة. وانظر القراءة في الدر المصون ٦/ ٦ دون نسبة.
(٢) قال ابن عطية ١٣/ ٢٣١: (بيضاء) يحتمل أن يعود على الكأس، ويحتمل أن يعود على الخمر وهو الأظهر. وكذلك ذهب أبو حيان ٧/ ٣٥٩. لكن استبعده تلميذه السمين ٩/ ٣٥٩. وقال الزجاج ٤/ ٣٠٣: (من معين) أي من خمر تجري كما يجري الماء. وهو تفسير قتادة، انظر جامع البيان ٢٣/ ٥٢.


الصفحة التالية
Icon