وأَزَفُّوا، كما قالوا زَفَفْتُ العروس وأزْفَفْتُها (١).
وقرئ: أيضًا: (يَزِفُونَ) بفتح الياء وتخفيف الفاء (٢)، من وَزَفَ يَزفُ، إذا أسرع. ويجوز أن يكون أصلها يَزِفُّونَ، فخفف كراهة التضعيف، والفعل في موضع الحال في الأوجه، أي: مسرعين.
وقوله: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ في (ما) أوجه:
أن تكون مصدرية منصوبة المحل عطفًا على الكاف والميم في ﴿خَلَقَكُمْ﴾، أي: والله خلقكم وعملكم، وهذا وجه حسن لما فيه من الدليل على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى خيرًا كان أو شرًا.
وأن تكون موصوله في موضع نصب أيضًا عطفًا على المذكور آنفًا، على معنى: والله خلقكم والذين تعملون منه الأصنام، يعني الخشب والحجارة وغيرهما، وتبقى الأعمال والحركات غير داخلة في خلق الله تعالى، وبهذا التأويل يصح أن تكون ﴿مَا﴾ موصولة، لا على أن تكون تعم جميع الأشياء كما ذهبت إليه المعتزلة الضُّلَّالُ (٣)، وكفاك دليلًا قوله عليه الصلاة والسلام في "الأنبياء" (٤): ﴿بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ﴾ (٥) يعني الأصنام.
وأن تكون استفهامية منصوبة المحل بقوله تعالى: ﴿تَعْمَلُونَ﴾ توبيخًا لهم وتحقيرًا لعملهم.

(١) كذا في الصحاح (زفف).
(٢) حكاها الكسائي، انظر معاني الفراء ٢/ ٣٨٩. ومعاني النحاس ٦/ ٤٥. ونسبها ابن خالويه /١٢٨/ إلى الضحاك، ويحيى بن عبد الرحمن المقرئ، وابن أبي عبلة. كما نسبها ابن جني ٢/ ٢٢١ إلى عبد الله بن يزيد. وأضافها ابن عطية ١٣/ ٢٤٥ إلى مجاهد أيضًا. وانظر زاد المسير ٧/ ٦٩ فقد أضافها إلى آخرين.
(٣) انظر مذهبهم، والزمخشري منهم: في مشكل مكي ٢/ ٢٣٩. والكشاف ٣/ ٣٠٥.
(٤) يعني فيما حكى القرآن عنه.
(٥) الآية (٥٦).


الصفحة التالية
Icon