وقرئ: (سَلَّما) بغير ألف قبل السين وتشديد اللام (١)، من التسليم، على معنى: سَلّما أنفسهما وآراءهما لما أُمرا به، كالتسليم باليد، قال أهل التأويل: يقال: سَلَّم لأمر الله، وأسلم، واستسلم بمعنىً واحدٍ، إذا انقاد له وخضع، وأصلها من قولك: سَلِمَ هذا لفلان، إذا خلص له، ومعناه: سلم من أن ينازع فيه، وقولهم: سَلَّمَ لأمر الله، وأَسْلَمَ له، منقولان منه (٢).
قوله: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ انتصاب قوله: ﴿نَبِيًّا﴾ على الحال من (إسحاق)، وهي حال مقدرة، وكذا ﴿مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ حال ثانية، أي: كائنًا منهم، ويجوز أن يكون صفة لقوله: ﴿نَبِيًّا﴾.
﴿وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (١٢٤) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (١٢٥) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (١٢٦) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٢٧) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٢٨) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٢٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَإِنَّ إِلْيَاسَ﴾ الجمهور على كسر الهمزة وإثباتها في الدَّرْجِ وهو الوجه، لأن الهمزة فيه أصل، وهي مكسورة وليست التي تصحب حرف التعريف، بدليل قوله: ﴿سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ﴾ (٣) وأصله: إلياسيِّين، فحذف ياء النسب، فَكَسْرُ الهمزة وقَطْعُها يدل على أنها ليست بالتي تصطحب حرف التعريف، ثم إن ﴿إِلْيَاسَ﴾ اسم عبراني وليس بعربي، ولم يكن إلياس عليه السلام هذا من العرب، وإنما هو من بني إسرائيل على ما نقل (٤).
(٢) قول أهل التأويل بتمامه للزمخشري ٣/ ٣٠٧.
(٣) من الآية (١٣٠) الآتيه بعد قليل.
(٤) انظر معاني الفراء ٢/ ٣٩١. وجامع البيان ٢٣/ ٩١.