تَعْبُدُونَ}، لأن قوله: ﴿وَمَا تَعْبُدُونَ﴾ ساد مسد الخبر، لأن معناه: فإنكم مع ما تعبدون، والمعنى: فإنكم مع آلهتكم، أي: فإنكم قرناؤهم وأصحابهم لا تبرحون تعبدونها، ثم قال: ﴿مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ﴾ بباعثين أو حاملين على طريق الفتنة والإضلال إلا من هو ضَالٌّ منكم، انتهى كلامه (١).
والجمهور على كسر لام ﴿صَالِ﴾، وأصلها صالي بوزن فاعل، فسقطت الياء في الدرج لالتقاء الساكنين، فحذفها الكاتب من الخط على لفظ الوصل، وقرئ: (صَالُ الجحيم) بضم اللام (٢)، وفيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون جمع صال، والأصل: صالون، فحذفت نونه للإضافة، وواوه لالتقاء الساكنين هي ولام التعريف، وجاز جمعه مع قوله: ﴿مَنْ هُوَ﴾ حملًا على (مَنْ)، لأنَّ (مَنْ) مفرد اللفظ مجموع المعنى، فحمل ﴿هُوَ﴾ على لفظه، والصالون على معناه، كما حمل في مواضع مِن التنزيل على لفظ (مَن) ومعناه في آية واحدة، نحو قوله جل ذكره: ﴿مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ ثم قال: ﴿وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (٣)، وقوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ﴾ ثم قال: ﴿وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ (٤).
والثاني: أن يكون مفردًا إلا أنه مقلوب، قلبت اللام إلى موضع العين فصار من صالي إلى صايل، ثم حذفت الياء فبقيت اللام مضمومة، كقولهم: شاك في شايك، وهار في هاور.
(٢) قرأها الحسن كما في معاني الفراء ٢/ ٣٩٤. ومعاني الزجاج ٤/ ٣١٥. وإعراب النحاس ٢/ ٧٧٦. والمحتسب ٢/ ٢٢٨. ومشكل مكي ٢/ ٢٤٣. والكشاف ٣/ ٣١٣. وأضافها ابن خالويه /١٢٨/ إلى ابن أبي عبلة أيضًا.
(٣) سورة البقرة، الآية: ١١٢.
(٤) سورة الأنعام، الآية: ٢٥.