ومشى في هذا المعنى لغتان فاشيتان (١)، وأُنشد:
٥٤٦ - *وَالشَّاةُ لَا تَمْشي مَعَ الهَمَلَّع (٢) *
أي: لا تَنْمِي مع الذئب، ومنه ناقة ماشية، إذا كانت كثيرة الأولاد، ولم يقولوا: ممشية، وقد جوز أبو إسحاق (٣): أن يكون المعنى: وانطلق الملأ منهم بأن امشوا، أي: بهذا القول، فتكون ﴿أَنِ﴾ في موضع نصب لعدم الجار، أو جر على إرادته، وأما على الوجه الأول فعارية عن المحل.
﴿جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ (١١) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ (١٢) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ (١٣) إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ (١٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ﴾ في (جند) وجهان:
أحدهما: مبتدأ، و ﴿مَا﴾، مزيدة للتوكيد، و ﴿هُنَالِكَ﴾ يجوز أن يكون صفة لقوله: ﴿جُنْدٌ﴾، أي: جند ثابت أو مستقر هنالك، والإشارة إلى حيث وضعوا فيه أنفسهم من الانتداب لمثل ذلك القول العظيم، من قولهم لمن يندب لأمر ليس من أهله: لَسْتَ هنالك. و ﴿مَهْزُومٌ﴾ خبر المبتدأ. ولك أن تجعل ﴿هُنَالِكَ﴾ ظرفًا لمهزوم، أي: جند مهزوم في ذلك المكان. وأما ﴿مِنَ الْأَحْزَابِ﴾: فيجوز أن يكون صفة لجند أو لمهزوم، وأن يكون من صلة ﴿مَهْزُومٌ﴾.
والثاني: خبر مبتدأ محذوف، أي: هم جند، أي هؤلاء المشركون من قريش جند من الأحزاب مهزوم هنالك.
(٢) انظر هذا الرجز أيضًا في الصحاح (مشا). والمخصص ٨/ ١٠. والبيان ٢/ ٣١٣.
(٣) معانيه ٤/ ٣٢١. وهو للفراء ٢/ ٣٩٩ قبله.