القراءة سنة متبعة لا يجوز فيها القياس ولا الاختيار.
وقوله: ﴿لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾ (يوم) يجوز أن يكون من صلة ﴿نَسُوا﴾ ومعمولًا له، على أنه مفعول به، و (ما) مصدرية، أي: لهم عذاب شديد بنسيانهم يوم الحساب، أي: بتركهم تَذَكُّرَهُ. وأن يكون ظرفًا للظرف وهو ﴿لَهُمْ﴾، أي: لهم عذاب شديد في ذلك اليوم بسبب نسيانهم العمل بما يرضي خالق العمل.
وقوله: ﴿بَاطِلًا﴾ يجوز أن يكون مفعولًا له، وأن يكون نعتًا لمصدر محذوف، أي: خلقًا باطلًا، وأن يكون في موضع الحال، إما من الفاعل، أي: ذوي باطل، أو من المفعول، أي: عاريًا عن الحكمة، والباطل مصدر كالعافية والعاقبة، وقد ذكر فيما سلف من الكتاب (١). و ﴿أَمْ﴾ في الموضعين منقطعة، ومعنى الاستفهام فيها الإنكار.
وقوله: ﴿مُبَارَكٌ﴾ نعت بعد نعت لـ ﴿كِتَابٌ﴾، أي: هذا كتاب مُنْزَلٌ مبارك، وحكي فيه النصب (٢)، ونصبه على الحال من الضمير المفعول في ﴿أَنْزَلْنَاهُ﴾.
وقوله: ﴿لِيَدَّبَّرُوا﴾ أصله: لِيَتَدَبَّرُوا، فأدغم التاء في الدال للقرب، وبالأصل قرأ بعض القراء (٣). وقرئ أيضًا: ﴿لِيَدَّبَّرُوا﴾ بتاء واحدة على الخطاب (٤)، والأصل: لتتدبروا بتاءين، فحذف إحداهما كراهة اجتماعهما.
وقوله: ﴿وَلِيَتَذَكَّرَ﴾ القراءة بياء وتاء، ويجوز في الكلام إدغام التاء في
(٢) قراءة ذكرها الزمخشري ٣/ ٣٢٧. وأبو حيان ٧/ ٣٩٥. والسمين ٩/ ٣٧٤. والآلوسي ٢٣/ ١٨٩. دون نسبة.
(٣) نسبت إلى علي -رضي الله عنه- كما في المصادر السابقة عدا الزمخشري.
(٤) قرأها أبو جعفر، ورواية عن عاصم. انظر السبعة/ ٥٥٣/. والحجة ٦/ ٦٧. والمبسوط / ٣٨٠/. والتذكرة ٢/ ٥٢٥. والنشر ٢/ ٣٦٥.