الصفة كما في قراءة مَن جمع، لأنَّ الجمع لا يكون خبرًا عن الواحد، ﴿وَآخَرُ﴾ في الحقيقة صفة لمحذوف وهو الابتداء، وقد ذكرت آنفًا.
وأن يكون مبتدأ والخبر محذوفًا، أي: ولهم عذاب آخر، و ﴿مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ﴾ في موضع الصفة، وارتفاع قوله: ﴿أَزْوَاجٌ﴾ بالظرف وهو ﴿مِنْ شَكْلِهِ﴾ على المذهبين.
قال أبو علي: ولا يجوز أن تجعل قوله: ﴿مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ﴾ في قول من قرأ: (وأُخَر) على الجمع وصفًا وتُضمر الخبر كما فعلت ذلك في قول من وَحَّدَ، من أجل أنَّ الصفة لا ضمير فيها من حيث ارتفع أزواج بالظرف، ولا ضمير في الظرف، والهاء في ﴿مِنْ شَكْلِهِ﴾ لا تعود إلى (أُخر)، لأنه جمع والضمير مفرد، وإذا كان كذلك فتبقى الصفة بلا ذكر يعود منها إلى الموصوف، انتهى كلامه (١).
فأما امتناع (أُخر) من الصرف: فقد ذكر سبب ذلك في البقرة عند قوله جل ذكره: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ (٢).
﴿هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ (٥٩) قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ (٦٠) قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ (٦١)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ﴾ (هذا) مبتدأ و ﴿فَوجٌ﴾ خبر، و ﴿مُقْتَحِمٌ﴾ صفة الخبر، و ﴿مَعَكُمْ﴾ يجوز أن يكون صفة بعد صفة، وأن يكون حالًا، إما من ﴿فَوجٌ﴾ لكونه قد وصف، والعامل فيها ما في ﴿هَذَا﴾ من معنى الفعل، أو من المنوي في ﴿مُقْتَحِمٌ﴾ والعامل ﴿مُقْتَحِمٌ﴾، وأن يكون ظرفًا لمقتحم، أي: يقال لهم: هذا جَمْعٌ كثيف قد اقتحم معكم

(١) حجته ٦/ ٨٠. وفي النقل بعض التصرف.
(٢) الآية (١٨٤) منها.


الصفحة التالية
Icon