ذلت أعناقهم ذلوا، فالإخبار عن الرقاب إخبار عن أصحابها.
والثامن - وهو قول الفراء وغيره من أهل الكوفة -: الإخبار عن الهاء والميم لا عن الأعناق، ورُدّ ذلك بأن قيل: لو كان الأمر كما زعموا لوجب أن تكون خاضعين هم، لأن اسم الفاعل إذا جرى على غير من هو له وجب إبراز الضمير فيه، نحو: هند زيد ضاربته هي، وكذا ﴿خَاضِعِينَ﴾ لو كان جاريًا على غير فاعل الفعل الذي هو (ظلت) لافتقر إلى إبراز الضمير للفاعل على ما ذكر وقدر آنفًا (١).
ويجوز في الكلام (خاضعة) (٢)، ولا ينبغي أن يقرأ به، لأن القراءة سنة متبعة.
﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (٧) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٩) وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (١١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ﴾ (كم) في موضع نصب بـ ﴿أَنْبَتْنَا﴾ و ﴿مِنْ كُلِّ﴾: تمييز، و ﴿كَمْ﴾ للتكثير، و ﴿كُلِّ﴾ للإحاطة.
وقوله: ﴿وَإِذْ نَادَى﴾ أي: واذكر إذ نادى.
﴿أَنِ ائْتِ﴾، (أن) يجوز أن تكون مصدرية، أي: بأن ائت، وأن تكون مفسرة بمعنى: أي.
وقوله: ﴿قَوْمَ فِرْعَوْنَ﴾ بدل من ﴿الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ أو عطف بيان لهم.
(٢) بل هي قراءة شاذة نسبها ابن خالويه (١٠٦) إلى عيسى. ونسبها ابن عطية ١٢/ ٥١ إلى ابن أبي عبلة.