أبو علي هذا وقال: لا وجه للنداء هنا، لأن هذا موضع معادلة لدلالة ما قبله وما بعده (١).
وبالتشديد (٢)، على إدخال (أم) عليه، والأصل: أَمْ مَنْ، و (مَنْ) موصول أيضًا مبتدأ والجملة المعادلة لِأَمْ مع الخبر كلاهما محذوف، أي: الجاعل لله أندادًا خير أمن هو قانت؟ ودل على هذا المحذوف الشيئان المذكوران آنفًا، أي: أيهما خير. وقيل: أم منقطعة، أي: بل أمن هو قانت آناء الليل كمن هو بضده (٣).
والقانت: القائم بما يجب عليه من الطاعة. و ﴿سَاجِدًا وَقَائِمًا﴾: حالان من المنوي في ﴿قَانِتٌ﴾، وقد حكي فيهما الرفع (٤) على أنَّه خبر بعد خبر، و ﴿يَحْذَرُ﴾: في موضع الحال أيضًا، وكذا قوله: ﴿وَيَرْجُوا﴾ أي: حَذِرًا وراجيًا.
﴿قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (١٠) قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (١١) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (١٢) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٣)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ﴾ (حَسَنَةٌ) مبتدأ وخبره ما قبله، و ﴿فِي﴾: مِن صلة ﴿أَحْسَنُوا﴾ وفي الكلام حذف، والتقدير: للذين أحسنوا الأعمال في هذه الدنيا فلهم مجازاة حسنة في الآخرة، وهي دخول الجَنَّة، فسمى جزاء الحسنة حسنة، ولك أن تجعل

(١) الحجة ٦/ ٩٢ - ٩٣.
(٢) قرأها الباقون من العشرة. انظر القراءتين في السبعة / ٥٦١/. والحجة ٦/ ٩٢. والمبسوط / ٣٨٤/ وسقط منه اسم (نافع) من القراءة الأولى. والتذكرة ٢/ ٥٢٩.
(٣) كونها بمعنى (بل) قاله النحاس في المعاني ٦/ ١٥٨ والإعراب ٢/ ٨١٢.
(٤) قراءة للضحاك كما في المحرر الوجيز ١٤/ ٦٨. والبحر المحيط ٧/ ٤١٩.


الصفحة التالية
Icon