﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (١٩) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (٢٠)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ﴾ (مَنْ) هنا يجوز أن تكون موصولة، وأن تكون شرطية، ومحلها الرفع على الابتداء على كلا التقديرين، والخبر ﴿حَقَّ عَلَيْهِ﴾، أو الجواب وهو ﴿أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ﴾ إن جعلت مَنْ شرطية، والعائد محذوف، أي: أفأنت تنقذه، أو أفأنت تنقذ من في النار منهم، حُذف للعلم به. واختلف في الهمزة الثانية:
فقيل: مزيدة، لأنه لا يجوز أن تأتي بهمزة الاستفهام في الاسم المبتدأ وهمزة أخرى في الخبر، وكذلك لا يجوز أن تأتي بها في الشرط وتعيدها في الجواب، لأن الفاء في ﴿أَفَأَنْتَ﴾ فاء الجزاء.
وقيل: هي الأولى كررت لتوكيد معنى الإنكار والاستبعاد لما طال، ولولا طوله لما جاز الإتيان بها لما ذكرت آنفًا.
وقيل: الخبر محذوف تقديره: تنقذه أنت، وإنما حذف لأن ما بعده يدل عليه، وهو قوله: ﴿أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ﴾.
وقيل: الاستفهامان كل واحد منهما في موضعه وداخل على كلام تام، والآية على كلامين، فالتقدير: أفمن حق عليه كلمة العذاب كمن يهديه الله أو كمن نجا (١)، فحُذف الخبرُ، ثم استَأنف كلامًا آخر فقال: أفأنت تنقذ من في النار، والاستفهام في موضعه ومعناه النفي، أي: أنت لا تنقذ من في النار، أي: ليس إليك ذلك، والإنقاذ: التخليص (٢).
(٢) انظر هذه الأقوال في معاني الفراء ٢/ ٤١٨. ومعاني الزجاج ٤/ ٣٤٩ - ٣٥٠. وجامع البيان ٢٣/ ٢٠٧ - ٢٠٨.