الجمع على أنه جنس، بشهادة خبره لأنه جمع، وهو قوله: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾، وقراءة من قرأ: (والذين جاؤوا بالصدق وصدَّقوا به) وهو ابن مسعود رضي الله عنه (١)، وقيل: بل حذفت النون من (الذين) لطول الاسم (٢). وقيل: المرادُ بالذي رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- (٣).
وقوله: ﴿أُولَئِكَ﴾ خبر عنه وعن كل من فعل فعله. وقيل: بل جُمع الخبر إجلالا وتعظيمًا له عليه الصلاة والسلام، كقوله: ﴿عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ﴾ (٤) على قول من جعل الضمير عائدًا على فرعون.
وقوله: ﴿وَصَدَّقَ بِهِ﴾ الجمهور على تشديد الدال وهو ظاهر، وقرئ: بتخفيفها (٥)، وفيه وجهان، أحدهما: صَدَقَ الناس (٦) به ولم يكذبهم به، على معنى: أنه أدَّاه إليهم كما نزل عليه، من غير تبديل ولا تحريف. والثاني: صار صادقًا به، أي: بسببه، لأنَّ القرآن معجزة (٧).
وقوله: ﴿لِيُكَفِّرَ اللَّهُ﴾ يجوز أن يكون من صلة ﴿الْمُحْسِنِينَ﴾، أي: أحسنوا عملهم لذلك، وأن يكون من صلة قوله: ﴿لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ﴾، أي: أعطاهم ما يشاؤون لِيُكَفِّرَ عنهم، أي: ليكون ما أعطاهم تكفيرًا لذنوبهم.
{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ

(١) انظر قراءته في معاني الفراء ٢/ ٤١٩. وجامع البيان ٤/ ٢٤. ومعاني الزجاج ٤/ ٣٥٤. ومعاني النحاس ٢/ ٨١٩.
(٢) إعراب النحاس ٢/ ٨١٩.
(٣) هذا قول أكثر المفسرين، انظر جامع البيان ٢٤/ ٣.
(٤) سورة يونس، الآية: ٨٣.
(٥) قرأها أبو صالح الكوفي كما في إعراب النحاس ٢/ ٨١٩. ومختصر الشواذ / ١٣٢/. والمحتسب ٢/ ٢٣٧. والمحرر الوجيز ١٤/ ٨٥.
(٦) كذا في (ب) و (ج). وفي (أ): صدق للناس به. وفي الكشاف الموضع السابق: صدق به الناس.
(٧) انظر هذين الوجهين في الكشاف ٣/ ٣٤٧ أيضًا.


الصفحة التالية
Icon