يومًا مثل يوم الأحزاب. وقيل: عطف بيان، لأنك لو قلت: أهلك الله الأحزاب قوم نوح وعاد وثمود، لَمْ يكن إلَّا عطف بيان لإضافة (قومِ) إلى أعلام، فسرى ذلك الحكم إلى الجميع (١).
وقوله: ﴿يَوْمَ التَّنَادِ﴾ الجمهور على تخفيف الدال، وأصله: التنادي، فحذفت منه الياء تخفيفًا، وبالياء قرأ بعض القراء (٢)، وهو مصدر تَنَادَى القومُ يَتَنَادَى تَنَادِيًا، إذا نادى بعضهم بعضًا.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما (يوم التنادِّ) بتشديد الدال (٣)، وهو تفاعل من نَدَّ البعير يَنِدُّ نَدًّا وَندَادًا ونُدُودًا، إذا شَرَدَ وذهب على وجهه، وهو مصدرُ تَنادَّ القومُ، يَتَنَادُّ تَنَادًّا، إذا تنافر بعضهم من بعض، والمعنى: يوم التنافر، كقوله: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ﴾ (٤) وأصله: يوم التّنادد، فأدغم كراهة اجتماع المثلين.
﴿يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ﴾: بدل ﴿يَوْمَ التَّنَادِ﴾ و ﴿مُدْبِرِينَ﴾ حال مؤكِّدة، أي: فارين من النار، عن مجاهد، وقيل: منصرفين عن موقف الحساب إلى النار عن قتادة (٥). و ﴿مَا لَكُمْ﴾ في موضع الحال، كأنه قيل: غير ناصرين.
{الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (٣٥)

(١) اقتصر الزمخشري ٣/ ٣٧٠ على هذا القول. والنحاس ٣/ ١٠ ومكي ٢/ ٢٦٥ على الأول.
(٢) ومثله (يوم التلاق) وهي قراءة صحيحة، فقد قرأ ابن كثير، ويعقوب: (يوم التنادي) بإثبات الياء في الوصل والوقف. وقرأها أبو جعفر، وورش عن نافع في الوصل دون الوقف. انظر السبعة / ٥٦٨/. والحجة ٦/ ١٠٣ - ١٠٤. والمبسوط / ٣٩١/. والتذكرة ٢/ ٥٣٦.
(٣) وهي قراءة الضحاك أيضًا، انظر جامع البيان ٢٤/ ٦١. ومعاني النحاس ٦/ ٢٢٠ وإعرابه ٣/ ١٠. ومختصر الشواذ / ١٣٢/. والمحتسب ٢/ ٢٤٣.
(٤) سورة عبس، الآية: ٣٤.
(٥) انظر القولين عنهما في جامع البيان ٢٤/ ٦٢. ومعالم التنزيل ٤/ ٩٧.


الصفحة التالية
Icon