فنصب (فزارة) بجرم، أي: كسبتهم الغضب وأوجبته لهم، فـ (أَنَّ) على هذا في المواضع الثلاثة في موضع نصب.
والثاني: أن ﴿جَرَمَ﴾ مبني مع ﴿لَا﴾ في موضع رفع بالابتداء، و (أَنَّ) مع ما في حيزه في موضع الخبر، وقد مضى الكلام على "لا جرم" فيما سلف من الكتاب بأشبع من هذا (١).
وقوله: ﴿لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ﴾ أي: إجابة دعوة، فحذف المضاف.
وقوله: ﴿وَأُفَوِّضُ أَمْرِي﴾ يجوز أن يكون مستأنفًا، وأن يكون في موضع الحال من المنوي في ﴿أَقُولُ﴾.
﴿فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (٤٥) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (٤٦)﴾:
قوله عر وجل: ﴿وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (٤٥) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا﴾ الجمهور على رفع ﴿النَّارُ﴾ وفيه أوجه، أحدهما: بدل من ﴿سُوءُ الْعَذَابِ﴾. والثاني: خبر مبتدأ محذوف على تقدير سؤال سائل: ما سوء العذاب؟ فقيل: هو النار. والثالث: مبتدأ خبره: ﴿يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا﴾.
وقرئ: (النَّارَ) بالنصب (٢) بفعل مضمر يدل عليه: ﴿يُعْرَضُونَ﴾، أي: يدخلون النار يعرضون عليها. وقد جوز نصبها على الاختصاص (٣)، وفيه تعظيم للنار، وتهويل من عذابها.
(١) انظر إعرابه للآية (٢٢) من "هود".
(٢) كذا أيضًا هذه القراءة في معاني الفراء ٣/ ٩. والكشاف ٣/ ٣٧٣. والتبيان ٢/ ١١٢٠. والبحر ٧/ ٤٦٨. والدر المصون ٩/ ٤٨٥ دون نسبة.
(٣) جوزه الزمخشري ٣/ ٣٧٣.