﴿وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (٤٧) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (٤٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ﴾ أي: واذكر وقت يخاصم بعضهم بعضًا. وقيل: عطف على ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ﴾ (١). وقيل: على ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ﴾ (٢) فلا يوقف على العذاب.
وقوله: ﴿إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا﴾ (تَبَعًا) يجوز أن يكون جمع تابع، كخدم وحرس في جمع خادم وحارس، وأن يكون مصدرًا، ففي الكلام على هذا حذف مضاف، أي: ذوي تبع، فحذف المضاف، ولك أن تجعله في موضع اسم الفاعل. و ﴿نَصِيبًا﴾ يجوز أن يكون مفعولًا به، وأن يكون في موضع المصدر، أي: غَناء.
وقوله: ﴿إِنَّا كُلٌّ فِيهَا﴾ (كُلّ) مبتدأ خبره ﴿فِيهَا﴾، والجملة خبر (إنَّ) كقوله: (قُل إنَّ الأمرَ كلُّه لله) على قراءة أبي عمرو (٣)، و ﴿كُلٌّ﴾ وإن كان لفظه نكرة فهو معرفة، والتنوين عوض من المضاف إليه، أي: كلنا فيها، ويجوز في الكلام نصبه، قيل: وبه قرأ بعض القراء (٤)، ووجهه أن يكون تأكيدًا لاسم إنَّ لما ذكرت آنفًا من أنه معرفة.
ولا يجوز أن يكون حالًا من المنوي في ﴿فِيهَا﴾ نظرًا إلى لفظه، لأن لفظه نكرة، لأن العامل معنى، والمعنى إنما يعمل في الظرف دون الحال إذا

(١) من الآية السابقة.
(٢) آية (١٨). والقول للطبري ٢٤/ ٧٣. واستبعده ابن عطية ١٤/ ١٤٤.
(٣) انظر إعرابه للآية (١٥٤) من آل عمران حيث تقدم تخريجها.
(٤) قرأها ابن السميفع، وعيسى بن عمر. انظر المحرر الوجيز ١٤/ ١٤٥. والقرطبي ١٥/ ٣٢١. والبحر ٧/ ٤٦٩. وهو وجه إعرابي أجازه الكسائي، والفراء. انظر معاني الفراء ٣/ ١٠ وإعراب النحاس ٣/ ١٤.


الصفحة التالية
Icon