الكلام حذف مضاف تقديره: بعد إذ ظلمتم، ثم حذف المضاف للعلم به، والله تعالى أعلم بكتابه (١).
﴿وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَاقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٥١) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (٥٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَمْ أَنَا خَيْرٌ﴾ اختلف في ﴿أَمْ﴾ هنا، فقيل: منقطعة بمعنى بل وألف الاستفهام، والمعنى: بل أأنا خير من هذا الذي هو مهين، على سبيل التقرير. وقيل: ﴿أَمْ﴾ بمعنى بل وحدها، والمعنى: بل أنا خير. وقيل: أم متصلة معادلة لألف الاستفهام وما دخلت عليه مضمر، والتقدير: أفلا تبصرون أم تبصرون، إلا أنه وضع قوله: ﴿أَنَا خَيْرٌ﴾ موضع تبصرون، لأنهم إذا قالوا له: أنت خير، فهم عنده بُصَراء، وهو قول الخليل وصاحب الكتاب رحمهما الله، قالا: المعنى أَفَلا تُبْصِرُون أَمْ أَنْتُمْ بُصَرَاءُ؟ فقوله: ﴿أَمْ أَنَا خَيْرٌ﴾ على هذا، بمعنى أم أنتم بصراء، لأنهم لو قالوا له: أنت خير كانوا عنده بصراء (٢).
والمهين: الذي لا عِزَّ له، ولا ملك، ولا مال. وقيل: هو الذي يمتهن نفسه في حوائجه (٣). والله أعلم.
﴿فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (٥٣) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (٥٤) فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ (٥٦)﴾:
(٢) انظر الكتاب ٣/ ١٧٣. وعنه النحاس في معانيه ٦/ ٣٧٠.
(٣) إعراب النحاس ٣/ ٩٤. واقتصر الطبري ٢٥/ ٨٢ على الأول.