وقوله: ﴿وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ﴾ أي قربناهم من البحر حتى أغرقناهم فيه، يعني قوم فرعون، ومنه: أَزْلِفْني عند فلان، أي قربني منه. وقيل: أزلفناهم: جمعناهم في البحر حتى غرقوا.
وقرئ: (وأزلقنا) بالقاف (١)، أي: أزللنا أقدامهم، من زلقت رجله تزلق زلقًا، وأزلقها غيره إزلاقًا، أو من أزلق رأسه، إذا حلقه، على معنى: أهلكناهم على وجه الاستئصال. وقيل: أهلكناهم، من قولهم: أزلقت الناقة، إذا ألقت ولدها.
﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (٦٩) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (٧٠) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (٧١) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (٧٢) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (٧٣) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (٧٤) قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (٧٧) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (٨٢)﴾
قوله عز وجل: ﴿فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ﴾ (عاكفين) خبر ظل.
وقوله: ﴿هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ﴾ الجمهور على فتح الياء، أي: هل يسمعون دعاءكم إذ تدعونهم؟ فحذف المضاف وهو الدعاء، دل عليه ﴿إِذْ تَدْعُونَ﴾، لا بد من تقدير حذف هذا المضاف، وذلك أَنَّ (سمعت) بابها أن تتعدى إلى ما كان صوتًا مسموعًا نحو: سمعت كلامك وحديث زيد، فإن وقعت على جوهر تعدت إلى مفعولين، ولا يكون الثاني منهما إلا صوتًا، كقولك:

(١) رويت عن أبي بن كعب، وابن عباس - رضي الله عنهم -. انظر معاني النحاس ٥/ ٨٥. ومختصر الشواذ / ١٠٧/. والمحرر الوجيز ١٢/ ٦٤. وزاد المسير ٦/ ١٢٧. ونسبها ابن جني ٢/ ١٢٩ إلى عبد الله بن الحارث.


الصفحة التالية
Icon