إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ (٣١) وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٢) وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ (٣٣)}:
قوله عز وجل: ﴿كَذَلِكَ﴾ يجوز أن تكون الكاف في موضع رفع على أنها خبر مبتدأ محذوف، أي: الأمر كذلك، وأن تكون في موضع نصب على أنها نَعْتٌ لمصدر محذوف، أي: إخراجًا مثل ذلك الإخراج أخرجناهم منها وأورثناها قومًا آخرين. وقيل: التقدير: تركًا كذلك (١). وقيل: التقدير: نفعل فعلًا كذلك بمن نريد هلاكه (٢).
وقوله: ﴿مِنْ فِرْعَوْنَ﴾ بدل من ﴿الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾ بإعادة الجار، أي: من عذاب فرعون، فحذف المضاف، ولك ألا تقدر حذف مضاف وتجعل ﴿فِرْعَوْنَ﴾ كأنه في نفسه كان عذابًا مُهينًا لإفراطه في تعذيبهم وإهانتهم، وأن تجعل: ﴿مِنْ فِرْعَوْنَ﴾ حالًا من ﴿الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾، أي: واقعًا أو صادرًا من جهته، ولا يجوز أن يكون ﴿مِنْ فِرْعَوْنَ﴾ من صلة العذاب، لأنه قد وصف، وإذا وصف لم يعمل بعد الوصف عمل الفعل.
وقوله: ﴿مِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾ يجوز أن يكون خبرًا بعد خبر، كأنه قيل: كان جبارًا مسرفًا، وأن يكون حالًا من المنوي في ﴿عَالِيًا﴾.
وقوله: ﴿عَلَى عِلْمٍ﴾ في موضع الحال من الضمير المرفوع في ﴿وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ﴾، أي: ونحن عالمون باستحقاقهم ذلك، و ﴿عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ من صلة ﴿اخْتَرْنَاهُمْ﴾.
{إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥) فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣٦) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ

(١) التبيان ٢/ ١١٤٧.
(٢) إعراب النحاس ٣/ ١١٣. ومشكل مكي ٢/ ٢٩٠. والبيان ٢/ ٣٥٩.


الصفحة التالية
Icon