الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (٥٦)}:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ﴾ قرئ: بفتح الميم، وهو موضع القيام، والمراد المجلس، وبضمها (١)، وهو موضع الإقامة، ويحتمل أن يراد به المكان، من أقام.
وقوله: ﴿فِي جَنَّاتٍ﴾ بدل من ﴿مَقَامٍ﴾: بإعادة الجار. ﴿يَلْبَسُونَ﴾: يجوز أن يكون خبرًا بعد خبر، وأن يكون حالًا من المنوي في الظرف، وأن يكون مستأنفًا. ﴿مُتَقَابِلِينَ﴾: حال.
وقوله: ﴿كَذَلِكَ﴾ أي: الأمر كذلك، أو نفعل بالمتقين فعلًا كذلك.
و﴿يَدْعُونَ﴾ حال من الضمير المنصوب في ﴿وَزَوَّجْنَاهُمْ﴾، أي: داعين. ﴿فَاكِهَةٍ آمِنِينَ﴾: الباء للحال، أي: داعين فيها ملتبسين بكل فاكهة، ولا يكون من صلة ﴿يَدْعُونَ﴾ على أنه مفعول به كما زعم بعضهم، لأن ﴿يَدْعُونَ﴾ متعد بنفسه (٢). ﴿آمِنِينَ﴾: نصب على الحال. وكذا ﴿لَا يَذُوقُونَ﴾ حال أيضًا، أي: غير ذائقين، ويجوز أن يكون مستأنفًا.
وقوله: ﴿إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى﴾ الاستثناء منقطع عند قوم، والتقدير: ولكن قد ذاقوا الموتة الأولى في الدنيا إذا كانت مكتوبة عليهم، ومتصل عند آخرين، لأن السعداء عند موتهم يصيرون بلطف الله إلى أسباب من الجنة يلقون الروح والريحان، ويرون منازلهم في الجنة، ويفتح لهم أبوابها، فإذا ماتوا في الدنيا فكأنهم ماتوا في الجنة لمشاهدتهم إياها، واتصالهم بأسبابها (٣).
وقيل: إن الضمير في قوله: ﴿فِيهَا﴾ يعود إلى الآخرة لا إلى

(١) قرأ المدنيان، وابن عامر: (مُقام) بضم الميم. وقرأ الباقون بفتحها. انظر السبعة / ٥٩٣/. والحجة ٦/ ١٦٧ - ١٦٨. والمبسوط / ٤٠٢/. والتذكرة ٢/ ٥٥٠.
(٢) انظر هذا الإعراب في البيان ٢/ ٣٦١ أيضًا.
(٣) انظر معالم التنزيل ٤/ ١٥٦. وهو قول ابن قتيبة كما في زاد المسير ٧/ ٣٥٢.


الصفحة التالية
Icon