وقوله: ﴿كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى﴾ الجمهور على رفع قوله: ﴿كُلُّ أُمَّةٍ﴾ على الابتداء، والخبر ﴿تُدْعَى﴾، وقرئ: (كُلَّ أُمَّةٍ) بالنصب (١)، على الإبدال من الأولى، لما في الثانية من الإيضاح الذي ليس في الأولى، لأن جُثُوَّهَا ليس فيه شيء من شرح حال الجثو كما في الثانية من ذكر السبب الداعي إلى جُثُوِّها، وهو استدعاؤها إلى كتابها، فأفاد الإبدال معنىً زائدًا، فاعرفه فإنه من كلام أبي الفتح رحمه الله، ثم قال: فإن قلت: فلو قال: وترى كل أمة جاثية تدعى إلى كتابها، لأغنى عن الإطالة، قيل: الغرض هنا هو الإسهاب، لأنه موضع إغلاظ ووعيد، فإذا أُعِيد لفظ (كُلَّ أُمَّةٍ) كان أفخم من الاقتصار على الذكر الأول، انتهى كلامه (٢).
وقوله: ﴿تُدْعَى﴾ على هذه القراءة في موضع الحال، أو في موضع النصب على أنه صفة لكل، أو الجر على النعت لأمة.
وقوله: ﴿هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ﴾: (هدْا) مبتدأ، و ﴿كِتَابُنَا﴾ خبره، أي: يقال هذا كتابنا، و ﴿يَنْطِقُ﴾ يجوز أن يكون خبرًا بعد خبر، وأن يكون هو الخبر، و ﴿كِتَابُنَا﴾ بدل من ﴿هَذَا﴾، أو عطف بيان له، وأن يكون في موضع الحال من الكتاب، والعامل ما في ﴿هَذَا﴾ من معنى الفعل.
وقوله: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ جواب (أما) محذوف تقديره: وأما الذين كفروا فيقال لهم على جهة التقرير الراجع إلى التوبيخ والتبكيت: ﴿أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾. والتقدير: ألم يأتكم رسلي فلم تكن آياتي تتلى عليكم؟ فحذف المعطوف عليه.
{وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ
(٢) المحتسب ٢/ ٢٦٣.