وقوله: ﴿فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (أن) في موضع رفع بإضمار فعل، أي: لو وقع لنا رجوع، والكرة: الرجعة إلى الدنيا، وفي (لو) هنا وجهان:
أحدهما: أنه على بابه، وأصله وجوابه محذوف، وقوله: ﴿فَنَكُونَ﴾ نصب بالعطف على ﴿كَرَّةً﴾، لأنه في التقدير: أن نكر، كأنه قيل: فلو وقع أن لنا أن نكر فنكون من المؤمنين لفعلنا كيت وكيت.
والثاني: أن (لو) فيه هنا بمعنى التمني ولا جواب له، ولما تضمن معنى التمني أجيب بالفاء، كأنه قيل: ليت لنا كرة فنكون.
﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (١٠٦) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٠٧) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٠٨) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٠٩) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١١٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ﴾ القوم يُذَكَّر ويؤنث، لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كان للآدميين يذكر ويؤنث، كرهط ونفر وقوم، وفي التنزيل: ﴿وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ﴾ (١) وفيه: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ﴾، فذكر وأنث كما ترى، فإن صغرت قلت: قويم ورهيط ونفير بغير تاء تأنيث، كما تقول في عصبة: عصيبة، لأنها أسماء مفردة اللفظ مجموعة المعنى، واسم الجمع يصغر على لفظه ولا تدخل فيه التاء إذا كان للآدميين نحو ما ذكر آنفًا، وأما إذا كان لغير الآدميين فبالتاء ليس إلا، كالإبل والغنم، تقول: أبيلة وغنيمة.
الزمخشري: القوم مؤنثة وتصغيرها: قويمة (٢). والوجه ما ذكر وهو مذهب الأكابر.

(١) سورة الأنعام، الآية: ٦٦.
(٢) الكشاف ٣/ ١٢٠.


الصفحة التالية
Icon