خوقد جوز أن يرتفع ﴿كِتَابُ مُوسَى﴾ بالعطف على قوله: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ﴾ على تقدير: وشهد من قبل القرآن كتابُ موسى، ففصل بالظرف بين العاطف والمعطوف.
وقرئ: (وَمَنْ قبله كتابَ موسى) بفتح (مَن) ونصب (كتاب) (١)، وهما مفعولا فِعْلٍ مضمر تقديره: وآتينا قبل القرآنِ التوراةَ. و ﴿إِمَامًا وَرَحْمَةً﴾ على هذه القراءة حالان من (كتابَ موسى) ليس إلا، ومعنى ﴿إِمَامًا﴾: قدوة يؤتم به في الدين، ورحمة لمن آمن به وعمل بما فيه.
وقوله: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا﴾ في انتصاب قوله: ﴿لِسَانًا﴾ وجهان: أحدهما: حال، وفي ذي الحال أوجه، أحدها: ﴿كِتَابٌ﴾ لتخصصه بالصفة، والعامل ما في (هَذَا) من معنى الفعل، والتقدير: وهذا كتاب مصدق ملفوظًا به على لسان العرب. والثاني: المنوي في ﴿مُصَدِّقٌ﴾ الراجع إلى الكتاب، والعامل ﴿مُصَدِّقٌ﴾. والثالث: (ذا)، والعامل فيها ما في (ها) من معنى التنبيه. و ﴿عَرَبِيًّا﴾ نعت لقوله: ﴿لِسَانًا﴾. وقال أبو إسحاق: ﴿عَرَبِيًّا﴾ هو الحال، وذَكَر ﴿لِسَانًا﴾ توكيدًا، كما تقول: جاءني زيد رجلًا صالحًا، تريد جاءني زيدٌ صالحًا، وتذكر (رجلًا) توكيدًا، انتهى كلامه (٢).
والثاني: مفعول به لقوله: ﴿مُصَدِّقٌ﴾، أي: يصدق ذا لسان عربي، وهو الرسول عليه الصلاة والسلام. ويبعد أن يكون اللسان القرآن، إذ المحنى يصير يصدق نفسه، ومفعول ﴿مُصَدِّقٌ﴾ على الوجه الأول محذوف، أي: مصدق لما قبله من الكتب.

(١) قرأها الكلبي كما في المحرر الوجيز ١٥/ ١٧. والبحر المحيط ٨/ ٥٩. والدر المصون ٩/ ٦٦٥.
(٢) معانيه ٤/ ٤٤١.


الصفحة التالية
Icon