وقوله: ﴿فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ﴾ يحتمل أوجهًا من الإعراب:
أن يكون ﴿ذِكْرَاهُمْ﴾ مبتدأ، و (أنى لهم) الخبر، و ﴿إِذَا﴾ ظرف للظرف وهو ﴿لَهُمْ﴾، والمنوي في ﴿جَاءَتْهُمْ﴾ للساعة، أي: من أين لهم التذكر إذا جاءتهم الساعة؟
وأن يكون ﴿ذِكْرَاهُمْ﴾ أيضًا مبتدأ على ما ذكر آنفًا، والمنوي في ﴿جَاءَتْهُمْ﴾ لها، أعني للذكرى، والمعنى: من أين تنفعهم ذكراهم إذا جاءتهم؟ أي: لا تنفعهم.
وأن يكون ﴿ذِكْرَاهُمْ﴾ فاعل ﴿جَاءَتْهُمْ﴾، ويكودن المبتدأ مضمر دل عليه ﴿ذِكْرَاهُمْ﴾، أي: أنى لهم الخلاص والنجاة إذا جاءتهم ذكراهم، فاعرفه فإنه موضع.
﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (٢٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿نَظَرَ الْمَغْشِيِّ﴾ أي: نظراً مثل نظر المغشي.
وقوله: ﴿مِنَ الْمَوْتِ﴾ يجوز أن يكون من صلة ﴿الْمَغْشِيِّ﴾، أي: كالذي يغشى عليه من الموت. وأن يكون من صلة محذوف هو مفعول له، أي: خوفًا من الموت.
وقوله: ﴿فَأَوْلَى لَهُمْ﴾ ابتداء وخبر، وهي كلمة تحذير ووعيد بمعنى: فويل لهم، وهو أفعل من الوَلْي وهو القرب، ولا ينصرف لوزن الفعل والتعريف، واللام في ﴿لَهُمْ﴾ للبيان، وُضع ليعلم لمن يكون ذلك، ومعناه الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه.
وقيل: هو أفعل بمعنى التفضل، والمعنى: فالعقاب أولى لهم،


الصفحة التالية
Icon