أحدها: هو حكاية ما قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المنام، وخوطب في منامه بما جرت به العادة، كما كان يخاطبهم لو كان المخبر بذلك عن نفسه.
والثاني: هو حكاية ما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه وقص عليهم.
والثالث: هو تعليق عِدَتِهِ جل ذكره بالمشيئة تعليمًا لعباده أن يقولوا في عِداتهم مثل ذلك متأدبين بأدب اللهِ ومقتدين بسنته، كما قال: ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ (١).
والرابع: إنما دخل الاستثناء لأن منهم من مات قبل دخوله.
والخامس: وهو متعلق بـ ﴿آمِنِينَ﴾، أي: آمنين إن شاء الله ذلك، وهو راجع إلى ما ذكر آنفًا من أنه جل ذكره علق عِدَته بالمشيئة تعليمًا لعباده، لأن الله تعالى قد علم هل يدخلون آمنين أو غير آمنين.
والسادس: صيغته صيغة الاستثناء وليس المعنى على الاستثناء، وإنما المعنى تسبيحٌ وإخبار أن كل ما يكون فهو بمشيئة الله، كما تأتي صيغة الأمر، وليس المعنى على الأمر، كقوله: ﴿فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا﴾ (٢). أي سيمدد.
[والثاني]: هي بمعنى (إذ) كقوله: ﴿وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ (٣). و ﴿آمِنِينَ﴾ نصب على الحال من الضمير في ﴿لَتَدْخُلُنَّ﴾، وهو الواو المحذوف لسكونه وسكون أول المشدد. وكذا، ﴿مُحَلِّقِينَ﴾ حال إما من الضمير المذكور آنفًا، أو من المنوي في ﴿آمِنِينَ﴾. وكذا ﴿وَمُقَصِّرِينَ﴾ حال أيضًا.
وأما قوله: ﴿لَا تَخَافُونَ﴾ فيحتمل أن يكون حالًا أيضًا، أي: غير
(٢) سورة مريم، الآية: ٧٥.
(٣) سورة آل عمران، الآية: ١٣٩. وانظر هذه الأقوال في معاني النحاس ٦/ ٥١٢ وإعرابه ٣/ ١٩٥. ومعالم التنزيل ٤/ ٢٠٥. والكشاف ٣/ ٤٦٨. وزاد المسير ٧/ ٤٤٣ - ٤٤٤.