وعلى رفع ﴿أَشِدَّاءُ﴾ ﴿رُحَمَاءُ﴾، ورفعهما على ما ذكر آنفًا، وقرئ: (أشداءَ) (رحماءَ) بالنصب (١)، وفيه وجهان، أحدهما: على المدح، أي: أمدح أو أصف أشداء ورحماءَ. والثاني: على الحال من المنوي في ﴿مَعَهُ﴾، فيكون محل ﴿الَّذِينَ﴾ من قوله: ﴿وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾ إما الرفع بالعطف على موضع الجلالة في قوله: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ﴾ لأن الباء صلة، أي: كفاه الله، وكفاه تابعوه، كما قال: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (٢)، أو على ﴿مُحَمَّدٌ﴾، أي: محمد رسول الله والذين معه، فـ ﴿مَعَهُ﴾ صلة ﴿الَّذِينَ﴾ لا الخبر كما زعم أبو الفتح (٣)، والخبر ﴿تَرَاهُمْ﴾. أو على الابتداء، و ﴿مَعَهُ﴾ صلته أيضًا، والخبر أيضًا ﴿تَرَاهُمْ﴾ (٤). وإما الجر عطفًا على لفظ الجلالة، أو النصب بمضمر يفسره ﴿تَرَاهُمْ﴾ على قول من قال: زيدًا ضربته.
فإن قلت: هل يجوز أن يكون ذو الحال ﴿الَّذِينَ﴾ دون المقدر في ﴿مَعَهُ﴾؟ قلت: إن جعلته معطوفًا على موضع الجلالة أو على لفظها، أو منصوبًا بمضمر جاز، وإن جعلته معطوفًا على ﴿مُحَمَّدٌ﴾: أو مبتدأ فلا، لعدم العامل، لأن الابتداء لا يعمل في الأحوال، فاعرفه فإنه موضع.
وكُسِّرَ (شديدٌ) على أفعلاء دون فُعلاء كراهة التضعيف في شُدَدَاء (٥).
وقوله: ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ﴾ ابتداء وخبر.
(٢) سورة الأنفال، الآية: ٦٤.
(٣) المحتسب ٢/ ٢٧٦.
(٤) كذا أعربها النحاس ٣/ ١٩٦.
(٥) في (ط). والمحتسب حيث حكى هذا التصريف أيضًا: أشداء، وهو تصحيف لما أَثْبَتُّ والله أعلم.