منها، أعني: من ﴿مَا﴾، أو خبر بعد خبر، أو خبر مبتدأ محذوف، أي: هو عتيد، أو خبر ﴿مَا﴾، والجملة خبر ﴿هَذَا﴾. وأن تكون موصوفة بمعنى شيء، و ﴿لَدَيَّ﴾ صفة له، وكذا ﴿عَتِيدٌ﴾ صفة لها بعد صفة. ولك أن تجعل ﴿لَدَيَّ﴾ من صلة ﴿عَتِيدٌ﴾، والتقدير: هذا شيء عتيد لديّ، ويجوز في الكلام نصب ﴿عَتِيدٌ﴾ على الحال، إما من ﴿مَا﴾ والعامل ما في ﴿هَذَا﴾ من معنى الفعل، أو من المنوي في الظرف والعامل فيها الظرف عَيْنُهُ. والعتيد: الحاضر المهيأ (١).
وقوله: ﴿أَلْقِيَا﴾ أي: يقال ذلك، واختلف في لفظ ﴿أَلْقِيَا﴾، فقيل: الخطاب من الله جل ذكره للملكين الموكلين، وهما السائق والشهيد (٢). وقيل: هما من خزنة النار. وقيل: الخطاب للواحد وهو مالِكٌ، وفيه وجهان:
أحدهما: على تكرير الأمر، كأنه قيل: ألقِ ألقِ، لأنه لما لم يكن سبيل إلى تثنية الفعل ثني الضمير (٣).
والثاني: أن العرب أكثر ما يرافق الرجلُ منهم اثنين، فكثر على ألسنتهم أن يقولوا: اضربا زيدًا يا رجل وقفا، حتى خاطبوا الواحد خطاب الاثنين (٤)، ومنه قوله:
٥٨١ - فَقُلْتُ لِصَاحِبِي لا تَحْبِسَانَا.................... (٥)
(٢) هذا القول للزجاج ٥/ ٤٥. والزمخشري ٤/ ٢٢.
(٣) هذا قول المبرد كما في معاني الزجاج ٥/ ٤٦. وإعراب النحاس ٣/ ٢٢٠ - ٢٢١.
(٤) هذا قول الكسائي، والفراء. انظر معاني الفراء ٣/ ٧٨. وإعراب النحاس ٣/ ٢٢٠. وهو قول الخليل، والأخفش كما في القرطبي ١٧/ ١٦.
(٥) لمضرس بن ربعي الأسدي، أو ليزيد بن الطثرية. وعجزه:
........................... بِنَزْعِ أُصُولهِ واجتزَّ شِيحا
وانظره في معاني الفراء ٣/ ٨٧. وجامع البيان ٢٦/ ١٦٥. والصحاح (جزز). وزاد المسير ٨/ ١٥. وشرح ابن يعيش ١٠/ ٤٩.