قوله عز وجل: ﴿يُلْقُونَ﴾ يجوز أن يكون مستأنفًا، وأن يكون في موضع نصب على الحال من المنوي في ﴿تَنَزَّلُ﴾ الراجع إلى الشياطين، أي: تنزلوا ملقين السمع، و ﴿السَّمْعَ﴾ يجوز أن يكون بمعنى الاستماع، يقال: ألقى سمعه، إذا استمع، بشهادة قوله: ﴿أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ (١)، أي: استمع كتاب الله وهو شاهد القلب والفهم ليس بغافل ولاهٍ. وأَن يكون بمعنى المسموع، أي: ملقين المسموع إلى الكهنه على ما فسر (٢).
وقد جوز أن يكون في موضع جر على النعت لـ ﴿كُلِّ أَفَّاكٍ﴾ لأنه في معنى الجمع، وهم الكهنة، عن مجاهد (٣)، على معنى: يلقي الكهنة السمع، أي: يسمعونه ويلقونه.
وقوله: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ الجمهور على رفع (الشعراء) على الابتداء والخبر، وقرئ: بالنصب (٤) على إضمار فعل يفسره الظاهر.
وقوله: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ﴾ محل ﴿يَهِيمُونَ﴾ إما الرفع بخبر أَنّ والظرف من صلته، أو النصب على الحال من المنوي في الظرف، والظرف على هذا مستقر، وعلى الوجه الأولى ملغى.
وقوله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ﴾ في موضع نصب على الاستثناء من القائلين، أي: إلا الذين آمنوا منهم بالله ورسوله. ﴿كَثِيرًا﴾ أي: ذكرًا كثيرًا.
وقوله: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ المنقلب هنا مصدر بمعنى الانقلاب، وانتصاب قوله ﴿أَيَّ﴾ على المصدر، لأن ما أضيف إلى المصدر مما هو في المعنى صفة له، كان حكمه في الإعراب حكمه،
(٢) انظر الكشاف ٣/ ١٣٠. والمحرر الوجيز ١٢/ ٨٥.
(٣) ذكره الطبري ١٩/ ١٢٥. والبغوي ٣/ ٤٠٢. وابن الجوزي ٦/ ١٤٩ كلهم عن قتادة.
(٤) قرأها عيسى بن عمر. انظر مختصر الشواذ / ١٠٨/. والكشاف ٣/ ١٣١. والبحر المحيط ٧/ ٤٨.