بدلًا من شهاب، أو صفة له لما فيه من معنى القبس، وأما القَبَس بالتحريك: فهو الشيء المقبوس، يقال: قَبَسْتُ منه نارًا أَقْبَسُ قَبْسًا فأقبسني، أي: فأعطاني منه قبسًا.
وبتركه (١)، على جعل الشهاب مضافًا إلى القَبَسِ، لأنه يكون قَبَسًا وغير قَبَسٍ، فأوضح بالإضافة، وهو من باب إضافة النوع إلى الجنس، كسوار ذهب، وثوب خزّ. والشهاب: الشعلة. والقَبَسُ: النار المقبوسة، كأنه قال: شعلة نار، ويجمع الشهاب على شهب.
وقوله: ﴿تَصْطَلُونَ﴾ الطاء فيه بدل من تاء افتعل من أجل الصاد، والأصل يصتليون يفتعلون، فأُعِلّ بحذف لامه، لسكونها وسكون الواو بعدها، بعد إزالة حركتها إما بالنقل بعد حذف حركة ما قبلها، لأنها لا تتحرك بحركة وهي متحركة بأخرى، أو بالحذف، يقال: صَلَى النار واصطلاها، إذا دنا منها مستدفئًا بها.
﴿فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٨) يَامُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ اختلف في القائم مقام الفاعل:
فقيل: ﴿أَنْ بُورِكَ﴾، أي: نودي بهذا القول، وهو بورك من في النار (٢).
(٢) انظر هذا القول في معاني الزجاج ٤/ ١٠٩. وإعراب النحاس ٢/ ٥٠٩. ومشكل مكي ٢/ ١٤٥. كلهم حكاه كوجه ثانٍ.