قوله عز وجل: ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ الجمهور على كسرهما على الاستئناف والتبيين لما ألقي إليها، وذلك أنها لما قالت: إني أُلقي إلي كتاب كريم، قيل لها: ممن هو؟ [وما هو]؟ فقالت: إنه، أي: إن الكتاب من سليمان، وإنه، أي: وإن مضمونه كَيْتَ وكَيْتَ. وروي فيهما الفتح (١) ومحلها إما الرفع على البدل من قوله: ﴿كِتَابٌ﴾، كأنه قيل: ألقي إلي أنه وأنه، أو على أنه فاعل بقوله: ﴿كَرِيمٌ﴾، أو النصب لعدم الجار وهو اللام، أي: لأنه من سليمان ولأنه، أو الجر على إرادته على الخلاف المشهور المذكور في غير موضع، كأنها عللت كرمه بكون الكتاب من سليمان وبكون مضمونه كيت وكيت.
وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - (وإنه) بزيادة العاطف (٢)، عطفًا على (إني) في قوله: ﴿إِنِّي أُلْقِيَ﴾.
وقرأ أبي بن كعب - رضي الله عنه -: (أَنْ من سليمان وأَنْ بسم الله) بالفتح فيهما مخففتين (٣)، على أنهما المفسرتان بمعنى (أي).
وقوله: ﴿أَلَّا تَعْلُوا﴾ في (أن) ثلاثة أوجه:
أحدها: في موضع رفع على البدل من قوله: ﴿كِتَابٌ﴾، كأنه قيل: ألقي إلي ألا تعلوا.
والثاني: في موضع نصب على حذف الجار، أي: ألقي إلي بأن لا تعلوا عليّ، وكلاهما قول أبي إسحاق - رحمه الله - (٤).
والثالث: أنها المفسرة بمعنى (أي)، وهو قول صاحب الكتاب وشيخه
(٢) انظر قراءته - رضي الله عنه - في معاني الفراء ٢/ ٢٩١. والكشاف ٣/ ١٤١. والمحرر الوجيز ١٢/ ١٠٨.
(٣) انظر قراءته - رضي الله عنه - في المصادر السابقة أيضًا، ومختصر الشواذ / ١٠٩/.
(٤) معانيه ٤/ ١١٨ - ١١٩.