ويجوز في الكلام حذف إحدى النونين (١)، وهي التي تصحب ياء النفْس، وبكسر التي هي عَلَمُ الرفع لكونها وليت ياء النفس، ولا يجوز حذف التي هي علم الرفع إلا بناصب أو جازم، وأما لأجل التخفيف فلا.
وقوله: ﴿وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ الضمير في ﴿مِنْهَا﴾ لمدينتهم وهي سبأ، وقيل: للملكة (٢). و ﴿أَذِلَّةً﴾: جمع ذليل، وانتصابها على الحال، وكذا ﴿وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾، أي: ذليلين مقهورين مأسورين، وكذا ﴿مُسْلِمِينَ﴾ نصب على الحال، أي: مستسلمين منقادين.
﴿قَالَ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣٨) قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (٣٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ﴾ التاء في ﴿عِفْرِيتٌ﴾ مزيدة لأنه من العفر وهو التراب، قال أبو الفتح: كأَنه يَخْتِلُ قِرْنَهُ فيصرعه إلى العفر (٣). يقال: رجل عفريت، وعِفْرَيَةٌ، وقد قرئ بهما (٤). وجمعه عفاريت وعَفَارٍ كَجَوَارٍ.
و﴿آتِيكَ﴾ في الموضعين يحتمل أن يكون اسم فاعل، وأن يكون فعلًا، فإن كان اسم فاعل فوزنه فاعل، والهمزة أصلية، والألف بعدها مزيدة، والكاف في موضع جر بإضافة اسم الفاعل إليها، وإن قدرت أنه فِعْلٌ فوزنه أفعل والهمزة مزيدة، والألف بعدها بدل من همزة ساكنة هي فاء الفعل وهي

(١) هي قراءة نسبها ابن مجاهد لنافع عن المسيبي. انظر السبعة، والحجة الموضعين السابقين.
(٢) وقيل لبلدتهم، وقيل لأرضهم. وكلها بمعنى واحد.
(٣) المحتسب ٢/ ١٤١.
(٤) القراء العشر على (عفريت). وقرأ أبو رجاء، وعيسى الثقفي، وأبو السمال: (عفرية) انظر معاني النحاس ٥/ ١٣٢. وإعرابه ٢/ ٥٢٣. ومختصر الشواذ / ١٠٩/. والمحتسب ٢/ ١٤١. والمحرر الوجيز ١٢/ ١١٢. وقال ابن عطية: ورويت عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -.


الصفحة التالية
Icon