وقوله: ﴿إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ﴾ يجوز أن يكون استثناءً منقطعًا، وأن يكون بدلًا من الضمير المنصوب في قوله: ﴿مَا كَتَبْنَاهَا﴾ وأن يكون مفعولًا له، والتقدير: ما كتبناها عليهم لكن فعلوها لابتغاء رضوان الله.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٨) لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ﴾ الجمهور على كسر اللام وفتح الهمزة بعدها، و (لا) صلةٌ عند الجمهور، تعضده قراءة من قرأ: (ليعلم) بغير (لا) وهو ابن مسعود رضي الله عنه وغيره (١)، والمعنى: ليعلم أهل الكتاب عجزهم. وقيل: ليست بصلة (٢)، والضمير في ﴿يَقْدِرُونَ﴾ ليس لأهل الكتاب، والمعنى: لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدر المؤمنون على شيء من فضل الله، وهي من صلة محذوف دل عليه الكلام، أي: فعل الله هذه الأشياء لأن يعلم.
وقرئ: (لَيْلا يَعْلَمَ) بفتح اللام الأولى وإسكان الياء من غير همزة (٣)، ووجه ذلك أن من العرب من يفتح لام الجر مع الظاهر. وحكى أبو الحسن
(٢) انظر هذا القول في البيان ٢/ ٤٢٥. والتبيان ٢/ ١٢١١. والأكثر على الأول. وانظر بالإضافة إلى المصادر السابقة: مجاز القرآن ٢/ ٢٥٤. ومعاني الأخفش ٢/ ٥٣٦. ومعاني الزجاج ٥/ ١٣١.
(٣) قرأها الحسن في رواية ابن مجاهد كما في المحتسب ٢/ ٣١٣. والكشاف ٤/ ٧٠. والمحرر الوجيز ١٥/ ٤٣٢. والقرطبي ١٧/ ٢٦٨.