وعن بعض أهل الكوفة: أن انتصابه على حذف الكاف، أي: إنه لحق كمثل نطقكم (١).
والثاني: فتحة بناء، وفيه وجهان: أن يكون مبنيًا لمّا أضيف إلى غير متمكن وهو ﴿أَنَّكُمْ﴾ و ﴿مَا﴾ صلة، كما بني (يومَئذٍ) وشبهه حين أضيف إلى مبني، وهذا قول صاحب الكتاب رحمه الله (٢). وأن يكون ﴿مِثْلَ﴾ مع ﴿مَا﴾ بمنزلة شيء واحد، فبني على الفتح لذلك، وهذا قول أبي عثمان (٣)، و ﴿مَا﴾ على هذا يجوز أن تكون صلة، وأن تكون نكرة موصوفة.
وقرئ: (مثلُ) بالرفع (٤)، على أنه صفةُ ﴿لَحَقٌّ﴾، أي: إنه لحق مثل نطقكم، كقولك: أتاني رجل مثلُ زيد، لأن مثلًا نكرة وإن أضيف إلى معرفة، لأنه لا يتخصص بالإضافة، ولا يتعرف؛ لأن الأشياء التي يقع بها التماثل بين المتماثلين كثيرة، فهو نكرة من جهة المعنى وإن كان مضافًا إلى المعرفة، و ﴿مَا﴾ صلة.
فإن قلت: هل يجوز أن تكون: ﴿مَا﴾ هنا مصدرية؟ قلت: لا، إذ لا فعل هنا معها، و (ما) إنما تكون مصدرية إذا أتى بعدها فعل، فيكون معها بتأويل المصدر.
﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (٢٧) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (٢٨)﴾:

(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٨٥. وإعراب النحاس ٣/ ٢٣٥ - ٢٣٦. ومشكل مكى ٢/ ٣٢٤.
(٢) حكاه عنه النحاس ٣/ ٢٣٥. والفارسي في الحجة ٦/ ٢١٨.
(٣) انظر قوله في الحجة ٦/ ٢١٨.
(٤) هذه قراءة الكوفيين سوى حفص فإنه قرأ بالأولى. وانظر القراءتين في السبعة / ٦٠٩/ والحجة ٦/ ٢١٦. والمبسوط/ ٤١٥/. والتذكرة ٢/ ٥٦٤.


الصفحة التالية
Icon